أوجب نقل البارود منه، وذلك الطارئ هو حدوث بلل بأرضه لم يعهد فيه قبل فنقل منه ووضع بهري آخر حذوه، ولم يزل مصونا به إلى أن حلت الدولة الحامية وألقته في صهريج السواني التقمته أفواه قنوات مجاري مياهه أيام امتلائه.
وبطرف هذا الهيكل باب يصعد منه في مطلع بدون درج على هيئة مطلع منار حسان برباط الفتح وجامع الكتبيين بمراكش إلى الصرج العظيم المحمول على هذا الهيكل الفاخر المساوي له طولا وعرضا وارتفاعا، وهذا الصرح هو المعروف اليوم باسم المنصور، اشتمل على عشرين قبة في كل جهة قبب خمس، الخامسة في كل ربع هي الوسطى وهي أكبر قبب ذلك الربع مع كونها مربعة ومساوية لمقابلتها، وبكل قبة شباك يشرف الناظر منه إما على العاصمة تماما وبسيطها، وإما على ما حواليها ينيف طول ذلك الصرح والهيكل المحمول هو عليه على مائة متر، وعرضهما سبعون وفي هذا الصرح يقول الكاتب أبو حفص الحراق:
أنا قصر العتاق من الجياد ... بناني الله في نحر الأعادي
على يد عبده المنصور حقا ... وصلت على القصور بكل نادي
وكيف لا أصول على المبانى ... وإسماعيل قد أسمى عمادي
وشيدنى بتوفيق ويمن ... وعمرني بآلات الجهاد
وروع بي الصليب وعابديه ... فنال العز من رب العباد
أدام الله ملكه في هناء ... وأعقابه إلى يوم التنادي
قلت: قوله بناني -هو بالباء في أوله من البناء ضد الهدم ولا يصح أن يكون بالفاء من الفناء بمعنى العدم, لأنه إنما يتعدى بالهمز وهو في البيت متعد بنفسه ولأن الإتيان به في طالعة مديح بناء ذلك القصر مما يتشاءم منه لأنه دعاء