وإن ذكرت مصر بجامع أزهر ... ففي القبة الخضرا بدور كوامل
وقرأت أعلى باب المقصورة الملوكية في نقش الخشب بالخط الكوفي الرائق من جامع القصبة المذكور ما لفظه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)} [الحج: ٧٧] صدق الله العظيم.
صنع هذا عام ثمانية وثمانين وألف بالقلم الغباري، وقد كان أصلح هذا الخشب فسقط الصفر الموالي للألف إما لجهل مباشر الإصلاح أو غلطه، فأوقع الكثير من الناس في الوهم وأن ذلك اللوح صنع عام مائة وثمانية وثمانين، وذلك لا يصح بحال، قال بعضهم: وكل هذا لا يدل على أن أصل جامع لال عودة من الإنشاءات الإسماعيلية، أما المكتوب على الباب فلكونه لا ذكر لبقية الجامع فيه، وأما المكتوب على المقصورة فكذلك إما لكونه كان أنشأها به قبل ضيقه به فأقرت هناك بعد التحول عنه، وإما لكونها نقلت إليه بعد تخريب جامع الأنوار.
وفي هذا المسجد تقام حفلة صلاة الجمعة لدى الملوك أحفاد مولانا إسماعيل إلى الزمان الحاضر والغاية داخلة كما تقدم، وقد لعبت أيدي التلاشي والتخريب أدوارًا كثيرة بهذا المسجد رغما على ملازمة ملوكنا الجلة لصلاة الجمعة فيه وقت ما حل ركابهم الشريف بالعاصمة المكناسية، ولولا أن الله تعالى تداركه بذلك حتى رمم أكثره لأصبح كغيره في خبر كان.
ومن قصور الدار الكبرى أيضًا قصر الكشاشين، وهو عبارة عن فسيح مستطيل ذي أساطين مصطفة مبنية بالجيار واللبن والحجر عليها أقواس مرتفعة فاقع لونها تسر الناظرين، بعضها قبالة الداخل، وبعضها عن اليمين والشمال كلها مقبوة السقف، كان هذا القصر معدا للطبخ وشئونه وخزن لوازمه وسكنى القيّمات بمباشرة ذلك من وخش الرقيق وحشم الحاشية الملوكية تتخلل هذه القصور وتكتنفها مناهج مستطيلة مقبوة السقف ذات أُبهة ومهابة، في سقوفها كوات ينفذ منها