قلت: كذا وصف الباب الثاني من هذا المسجد غير واحد، وقولهم: وباب إلى المدينة إما أن يعني به بعد الانفصال من باب القصبة الموالي لجهته وهو باب منصور العلج, لأن الجامع المذكور داخله، وإما أن يبقى على ظاهره ويحمل ذلك على أن السور الذي به باب منصور لم يكن وقتئذ، وإما أن يقال إن مراد الزيانى ومن تبعه بالمسجد الأخضر المنتقل إليه من مسجد القصبة المعروف بهذا الاسم اليوم الذي كلامنا فيه، هو جامع الأنوار الكائن عن يسار الخارج من القصة على باب منصور العلج، والاحتمال الأول بعيد لخروجه عن الظاهر، والثانى أبعد منه لكون الواصفين لباب المسجد الذي الكلام فيه كلهم تأخرت أزمنتهم عن تلك البناءات كلها، مع تصريحهم بأن المولى إسماعيل أفرد قصبته عن المدينة وجعل براح الهديم بينهما والثالث موافق لحقيقة وصف البابين, لأن أحدهما وهو الكبير العمومى مفض للمدينة، والثانى وهو باب دويرية الكتب المقابلة الآن لدار أولاد عم الجلالة السلطانية العلامة المرحوم مولانا العباس مفضية للقصبة بلا شبهة، فلم يبق حينئذ إلا كون جامع الأنوار لا يعرف بالأخضر الذي عبر به الزيانى ومن تبعه، وهذا أمر قريب لأن أسماء الأماكن وما تعرف به تتبدل وتنتقل مع طول الزمان بما يعرض لها كما مر بك كثير من ذلك في هذا التقييد.
وأما كون جامع الأنوار من الإنشاءات الإسماعيلية فسيتبين لك أمره بعد وهناك تأتى بقية هذا المبحث إن شاء الله.
وقد قرأت في نقش زليج أعلى باب مسجد القصبة القائم الآن ما صورته: الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد نبيه وعبده، أمر بعمل هذا الباب المبارك مولانا إسماعيل أمير المؤمنين أيده الله ونصره، وكان الفراغ من إنشائه أوائل جمادى الثاني سنة تسعين وألف، وفي المسجد الأخضر قال بعض شعراء عصره من قطعة ما لفظه: