فيها بذلك وهذا الخلل الأعوجاجى وإن تلافاه القيم بالنظر في ذلك حينه، وهو الفقيه سيدي الحسن المنونى لكنه مات بعد ذلك فأدرك الرحالى بعد ذلك منيته في تعطيلها ولا زالت معطلة إلى الآن ملقاة في زوايا الإهمال غير مكترث بها، وقد كانت هذه الرخامة من صنع من كان في قبضة الأسر من النصارى العالمين بذلك الفن، ويدل لذلك تاريخها المسيحى المرقوم فيها بالقلم الرومانى وهو عام ثمانية وتسعين وستمائة وألف.
وقد جور بعض الفرنسيين أن تكون هذه الرخامة مهداة لمولانا الجد من سلطان فرنسا المعاصر له لويز الرابع عشر، وعضد ذلك بما كان بين السلطانين من المواصلة، وبما كان لسلطان فرنسا المذكور من الاعتناء بالآلات الشمسية على اختلاف أنواعها حتى كان يدعى بالسلطان الشمسى، فأجبته بأن هذا الاحتمال يبعده خلوها من نقش اسمى المهدي والمهدى له مع أهمية ذلك في الموضوع لما فيه من تخليد الفخر للجانبين، وبأنها لو كان الأمر فيها كذلك لكانت على جانب من الزخرفة عظيم، وما ظنك بهدية من أمير عظيم في قومه لأمير طائر الصيت في المشارق والمغارب فاستحسن ذلك مني.
ووراء المدرسة المشار لها غربا صحن فسيح طوله أمتار ثلاثون وعشرة سنتيمات وعرضه سبع وعشرون ونيف، وفي غربه مباح ذو أقواس خمس وأساطين أربع بناؤها باللبن والجيار، خر سقفه في هذه الأزمنة الأخيرة طول هذا المباح ثمانية عشر مترا ونيف وفي الجانب الشرقى منه سقاية ماء.
ولهذا المسجد بابان باب القصر الستينية المار الذكر -وليس هو الباب الذي تدخل منه الجلالة السلطانية اليوم للمسجد، بل سد ذلك الباب وأدخل في بيت من بيوت إحدى الدور ولا زال إلى الآن ظاهر الأثر، وإن تنوسي المرور منه وانقطع السبيل الموصل إليه واندثر- وباب نافذ إلى المدينة يدخل منه عامة المصلين من جيش وحشم وأتباع.