عامل الرفع في المبتدأ. والآخر عامل الرفع في الفعل المضارع. فالمبتدأ قولك: زيد قائم, وعبد الله منطلق. فزيد ونحوه مرفوع, لابد له من رافع. وليس في اللفظ ما يرفعه من شيء قبله ولا بعده. فوجب أن يكون العامل معنويًا لا لفظيًا, وذلك المعنوي هو الابتداء, وذلك الابتداء هو الاهتمام, وذلك الاهتمام هو جعلك الشيء أولًا لثانٍ, يكون الثاني حديثًا عن الأول المجرد من العوامل اللفظية. فإذا قلت: زيد قائم, فزيد أول لثان, وذلك الثاني هو خبر عن الأول, وهو «زيد» المجرد عن العوامل اللفظية. فعلى هذا فقس كل مبتدأ.
وهذا هو العامل المعنوي. وقد دقت معرفته على قوم من البصريين والكوفيين فعبروا عنه بغير هذه العبارة. فقال أبو العباس المبرد: الرافع للمبتدأ هو التجرد من العوامل. فجعل التجرد هو الرافع. وهذا فيه بعض ما فيه, لأن التجرد من العوامل عدم العوامل, ولا يكون عدم الشيء موجبًا لعمله.
وقال الكوفيون إن الرفع للمبتدأ هو الخبر, والرافع للخبر هو المبتدأ.
وهذا أيضًا أعجب من الأول, لأنه لا يكون الشيء عاملًا ومعمولًا من جهة واحدة لما فيه من التضاد. والصحيح ما قدمنا ذكره. فاعتمد عليه في كل مبتدأ وخبر إذا طالبت نفسك بمعرفة الرافع تصب إن شاء الله تعالى. وفقك الله للصواب.
وجملته أربع صفات. أول لثانٍ محدث به عن الأول, مجرد عن العوامل اللفظية. والعوامل اللفظية أربعة. باب كان وأخواتها. وباب إن وأخواتها. وباب