للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعبارة الأبي هنا قوله: (خدمت عشر سنين) وفي الرواية الآتية (تسع سنين) قال القاضي عياض: لا معارضة بينهما في العدد لأنه حسب في رواية التسع السنين الكاملة ولم يحسب ما زاد عليها من المشهور فقال: تسع سنين فأسقط شهور السنة الأولى التي ابتدأ خدمته فيها، وفي رواية العشر حسبها فقال: عشر سنين لأن مدة مقامه - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من قدومه إلى وفاته عشر سنين فقط بلا زيادة ساعة ولا دقيقة لأنه - صلى الله عليه وسلم - توفي في النهار في الساعة التي قدم فيها وبعد استقراره - صلى الله عليه وسلم - في المدينة كانت خدمة أنس - رضي الله عنه - وهو ابن عشر سنين، وقيل: ابن ثمان وفي الحقيقة هو خدمه تسمع سنين ونصفًا مثلًا فكملت النصف رواية العشر وأسقطته روايته التسع فهو اختلاف لفظي، قوله: (ما قال لي أُفًّا قط) قال القاضي عياض: أُفّ كلمة معناها الضمير والكسل وهو اسم فعل مضارع أُتي بها اختصارًا للكلام وتستعمل للواحد وللاثنين وللجماعة بلفظ واحد ومنه قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] وفيها لغات كثيرة أوصلها ابن عطية إلى أربعين كما فصلها الحافظ في الفتح وهي معرفة إن لم تنون ونكرة إن نونت كما هو شأن أسماء الأفعال فيما استعمل بالوجهين كصه ومه ومعنى المعرفة في الآية لا تقل لهما القول القبيح ومعنى النكرة لا تقل لهما قولًا قبيحًا كما في حديث الباب (ما قال لي أفا قط) أي ما قال لي قط قولًا قبيحًا، قال الهروي: تقال في كل ما يتضجر منه ويستثقل، وقيل معناها الاحتقار مأخوذة من الأفف وهو القليل من الشيء، وفي الحديث "فألقى ثوبه على أنفه، وقال: أف أف" وقال ابن الأنباري: الأف والتف وسخ الأظفار استعملت فيما يستقذر وفيها عشر لغات ضم الهمزة وفي الفاء الحركات الثلاث منونة وغير منونة فهذه ست لغات، وضم الهمزة وسكون الفاء وكسر الهمزة وفتح الفاء وأمّا بالألف وأفت بالتاء بضم الهمزة فيهما فهذه أربعة مع الستة السابقة عشرة.

قال المازري: وأما (قط) ففيها خمس لغات فتح القات وضمها مع تشديد الطاء المضمومة وفتح القاف مع سكون الطاء وكسرها مشددة ومخففة وهي لتوكيد نفي الماضي المنفي، وقوله: (لم فعلت كذا .. إلخ) المقصود منه ترك العتاب على ما فات لأن هناك مندوحة عنه باستئناف الأمر به إذا احتيج إليه، وفائدته تنزيه اللسان عن الزجر والذم واستئلاف خاطر الخادم بترك معاتبته، ولا شك أن ذلك من أعلى مراتب الحلم، وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>