خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره فهو يحجب وهو نقيض المقصود فلا يستقيم المعنى حتَّى تقدر لا النافية؛ أي فهو لا يحجب، ولا تحذف لا النافية في مثل هذا والله أعلم.
وظاهر هذا الحديث أن من لقي الله وهو يشهد أن لا إله إلَّا الله وحده دخل الجنَّة ولا يدخل النَّار، وهذا صحيح فيمن لقي الله تعالى بريئًا من الكبائر، فأمَّا من لقي الله تعالى مرتكب كبيرة ولم يتب منها فهو في مشيئة الله تعالى التي دل عليها قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨] وقد جاءت الأحاديث الكثيرة الصحيحة المفيدة بكثرتها حصول العلم القطعي، أن طائفة كثيرة من أهل التوحيد يدخلون النَّار ثم يخرجون منها بالشفاعة أو بالتفضل المعبر عنه بالقبضة في الحديث الصَّحيح المتفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري، أو بما شاء الله تعالى فدل ذلك على أن الحديث المتقدم ليس على ظاهره فيتعين تأويله، ولأهل العلم فيه تأويلان:
أحدهما أن هذا العموم يراد به الخصوص ممن يعفو الله تعالى عنه من أهل الكبائر ممن يشاء الله تعالى أن يغفر له ابتداءً من غير توبة كانت منهم ولا سبب يقتضي ذلك غير محض كرم الله تعالى وفضله، كما دل عليه قوله:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وهذا على مذهب أهل السنة والجماعة خلافًا للمبتدعة المانعين تفضل الله تعالى بذلك، وهو مذهب مردود بالأدلة القطعيّة العقلية والنقلية وبسط ذلك في علم العقائد.
وثانيهما: أنهم لا يُحجبون عن الجنَّة بعد الخروج من النَّار، وتكون فائدته الإخبار بخلود كل من دخل الجنَّة فيها، وأنَّه لا يُحجب عنها ولا عن شيء من نعيمها والله تعالى أعلم انتهى.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عثمان بن عفَّان بحديث عبادة بن الصَّامت رضي الله تعالى عنهما فقال:
(٤٨) - (٢٨)(حدَّثنا داود بن رُشيد) بالتصغير الهاشمي مولاهم أبو الفضل الخوارزمي نزيل بغداد، روى عن الوليد بن مسلم وصالح بن عمر ويحيى بن سعيد الأموي وهُشيم وإسماعيل بن عليه ومروان بن معاوية وغيرهم، ويروي عنه (م) و (خ) عن رجل فرد حديث و (د س ق) وقال في التقريب: ثقة من العاشرة، مات لستٍ خلت