للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا .. فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا، فَأكَلْنَا وَاذَهَنا،

ــ

بشيء من الماء فجعلا يُدخِلان فيها سَهمَيهِما ليكثر ماؤها فسبهما النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وقال ما زِلْتُما تبوكَانها (١) منذ اليوم فسميت تبوك من ذلك اليوم اهـ الأبي.

(أصاب النَّاس) أي أخذ الأصحاب الذين مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (مجاعة) وحلت بهم فاقة والمجاعة بفتح الميم مصدر ميمي وهو الجوع الشديد (فقالوا) بالفاء في نسخة شرحها الأبي وفي نسخة شرح النواوي وأكثر المتون (قالوا) بلا فاء أي قال النَّاس الذين معه صَلَّى الله عليه وسلم على سبيل المشاورة (يا رسول الله لو أذنت لنا) في نحر نواضحنا لنأكل لحومها لسد ما حل بنا من الجوعة (فنحرنا) وذكينا (نواضحنا) وإبلنا التي نركبها ونحمل عليها أمتعتنا (فأكلنا) لحومها (وادهنا) أي واتخذنا من شحومها دهنًا ندهن به ونستصبح به وجواب لو الشّرطيّة محذوف تقديره لكان خيرًا ومصلحة لنا، قوله (لو أذنت لنا) أي لو أمرتنا بنحرها وأكل لحمها والنواضح من الإبل التي يُستقى عليها قال أبو عبيد الذكر منها ناضح والأنثى ناضحة كما مر، قوله (وادهنا) ليس المقصود منه ما هو المعروف من الإدهان والتمسح بالدهن وإنَّما معناه اتخذنا دهنا من شحومها نتأدم منها ونستصبح بها، وعبارة الأبي ومعنى ادهنا أخذنا الشحم من لحومها وقولهم (لو أذنت لنا) هذا من أحسن آداب خطاب الكبار والسؤال منهم فيقال لو فعلت كذا أو أمرت بكذا لو أذنت في كذا وأشرت إلى كذا وجواب لو محذوف لعلمه من السياق تقديره لو أذنت لنا لكان خيرًا لنا أو لكان صوابًا ورأيًا متينًا أو مصلحة ظاهرة وما أشبه ذلك وهذا أجمل من قولهم للكبير افعل كذا بصيغة الأمر.

وقوله هنا (لو أذنت لنا) يعارض ما مر في الرّواية السابقة من قولهم (حتَّى هم بنحر حمائلهم) لأنَّ الاستئذان المذكور هنا يدل على أنهم هموا أولًا قبل النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وما سبق يدل على أن النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم هم أولًا فبينهما معارضة، فكيف يجمع بين الروايتين (قلت) يجمع بينهما بأنهم استأذنوا له أولًا فهم النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم بذلك.


(١) قوله (تبوكانها) من باك يبوك من باب قال: يقال باك العين إذا ثور ماءها وحركه بعود ونحوه ليخرج اهـ قاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>