قَال: فَقَال عِنْدَ ذَلِكَ: "أشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللهُ، وَأَني رَسُولُ الله، لَا يَلقَى الله بِهِمَا عَبْدٌ غَيرَ شَاكٍّ فِيهِمَا .. إِلا دَخَلَ الْجَنةَ"
ــ
وقد استوفينا أحاديثه في "الشفا" وأيضًا فإن خبر صحابي بحضرة ملئهم عن واقع شاهده الجميع ولم ينكروه مع أنهم لا يقرون على منكر يتنزل منزلة التواتر لأنَّ سكوتهم كالنطق، قال الأبي: إلَّا أن الفرق بينه وبين التواتر؛ أن التواتر يفيد العلم بنفسه، والخبر المذكور يفيده بالعادة، ثم الأظهر في التكثير أنَّه إنَّما وقع في النوع المُقتات غالبًا، وكأن الشيخ يختار أن التكثير وقع في الجميع ولا يظهر لأنَّ غير المُقتات كالنوى إنَّما يُحتاج إليه عند الضرورة وقد ارتفعت، وكيفية التكثير يحتمل أنها بإعادة أمثال ما يُرفع أو أنها بتزييد الأمثال دفعة اهـ أُبي.
قال السنوسي: قوله إنَّما يُحتاج إليه عند الضرورة كأنه قصر الحاجة في النوى على مصه عند الضرورة وكأنه لا فائدة له إلَّا ذلك، وقد تكون الفائدة فيه هنا التكثير من الخارق وعلامة النبوة.
أو إعداده لعلف رواحلهم، وقول مجاهد: وذو النوى بنواه يدل على أن التكثير وقع في الجميع، كما ذكر عن الشَّيخ ابن عرفة، وقد يحتمل أن فائدة إحضار النوى أنَّه صار بدعوته صَلَّى الله عليه وسلم تمرًا كغيره، والفرق بين هذا الاحتمال والاحتمال الذي اختار الأبي ظاهرٌ، وهو أقرب من احتماله من حيث إنه ظهرت به الفائدة لإحضار ذي النوى نواه بخلاف احتماله ولا ينافي هذا الاحتمال قوله في الحديث: وما كانوا يصنعون بالنواة، قال يمصونه ويشربون عليه الماء لأنَّ المراد بقوله يمصونه حكاية ما مضى من فعلهم.
(قال) أبو هريرة (فقال) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم (عند ذلك) أي عندما ملؤوا أوعيتهم (أشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله) سبحانه وتعالى حقًّا، تعجبًا من إجابة هذه الدعوة وظهور هذه البركة ثم قال (لا يلقى الله) سبحانه (بهما) أي بهاتين الشهادتين، ولقاؤه كناية عن موته كما مر (عبد) من عباد الله تعالى فاعل يلقى، حالة كونه (غير شاك) حال من عبد لتخصصه بصفة محذوفة كما قدرنا أي غير متردد (فيهما) أي في معناهما (إلَّا دخل الجنَّة) إن كان بريئًا من الكبائر أو تاب عنها أو عفا الله عنها وإلا فبعد العقوبة على ذنبه؟ وحديث أبي هريرة هذا ذكره المؤلف استشهادًا به لحديث عثمان