على التحذير بفعل محذوف وجوبًا لقيام المعطوف مقامه (وكثرة الحلف) بالنصب معطوف على إياكم أي باعدوا أنفسكم عن كثرة الحلف (في البيع) أي اتقوا كثرة اليمين ولو كنتم صادقين لأنه ربما يقع كذبًا فقيد الكثرة احتراز عن القلة فإنه يحتاج إليه فلا يدخل تحت التحذير قاله ملا علي، والتحذير عندهم تنبيه المخاطب على أمر مذموم ليجتنبه (فإنه) أي فإن الحلف أو إكثاره (ينفق) البيع ويرؤجه من التنفيق بمعنى الترويج (ثم) بعد تنفيقه أولًا (يمحق) بفتح حروف المضارعة من باب منع مثل قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} أي يذهب بركة البيع.
قال القرطبي: وإنما حذّر عن كثرة الحلف لأن الغالب ممن كثرت أيمانه وقوعه في الكذب والفجور وإن سلم من ذلك على بُعده لم يسلم من الحنث أو الندم لأن اليمين حنث أو مندمة، وإن سلم من ذلك لم يسلم من مدح السلعة المحلوف عليها والإفراط في تزيينها ليروجها على المشتري مع ما في ذلك من ذكر الله تعالى لا على جهة التعظيم بل على جهة مدح السلعة فاليمين على ذلك تعظيم للسلع لا تعظيم لله تعالى وهذه كلها أنواع من المفاسد لا يقدم عليها إلا من عقله ودينه فاسد اهـ من المفهم.
وقد دل الحديثان على كراهية الحلف في البيع لأن الحلف إن كان كاذبًا فهو عين الحرام وإن كان صادقًا فإن الرجل إذا اعتاد ذلك تدرج إلى الكاذب منه فكره ذلك سدًا للذريعة ولأن حقيقة الحلف هو جعل الشيء في ذمة الله أو في شهادة وكل ذلك لا يناسب في أمور دنيوية تافهة، قال الدهلوي: ويكره إكثار الحلف في البيع لشيئين كونه مظنة لتغرير المتعاملين وكونه سببًا لزوال تعظيم اسم الله من القلب، والحلف الكاذب منفقة للسلعة لأن مبنى الإنفاق على تدليس المشتري وممحقة للبركة لأن مبنى البركة على توجه دعاء الملائكة إليه وقد تباعدت بالمعصية بل دعت عليه اهـ من التكملة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي [٧/ ٢٤٦]، وابن ماجه [٢٢٠٩].
ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة أعني الشفعة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:
٣٩٩٤ - (١٥٤٦)(١١١)(حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) بن عبد الله بن