للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ. فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَشُكُّ قُرَيشٌ إلا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

ــ

فيه أن السنة أن لا يخرجوا من منى حتَّى تطلع وهذا متفق عليه (وأمر) صلى الله عليه وسلم (بـ) قلع (قبة) وخيمة له في منى (من شعر) وهدمها لي (تضرب) وتبنى (له بنمرة) قبل قدومه، والمعنى أمر بضرب قبة بنمرة قبل قدومه إليها، قال الأبي: لما أراد أن يظهر مخالفة الجاهلية أراد أن يظهر ذلك ابتداءً ليتأهبوا لذلك، قال النواوي: في هذا الحديث جواز الاستظلال للمحرم بقبة وغيرها ولا خلاف في جوازه للنازل، واختلفوا في جوازه للراكب فمذهبنا جوازه وبه قال كثيرون، وكرهه مالك وأحمد وأهل المدينة، وستأتي المسئلة مبسوطةً في موضعها إن شاء الله تعالى، وفيه أيضًا جواز اتخاذ القباب وجوازها من شعر اهـ (ونمرة) بفتح النون وكسر الميم هذا أصلها ويجوز فيها ما يجوز في نظيرها وهو إسكان الميم مع فتح النون وكسرها وهي موضع بجنب عرفات وليست من عرفات، وقال القرطبي: وهو الجبل الَّذي عليه أنصاب الحرم على يمين الخارج من مأزمي منى إلى الموقف اهـ، قال النواوي: فيه استحباب النزول بنمرة إذا ذهبوا من منى لأن السنة أن لا يدخلوا عرفات إلَّا بعد زوال الشمس وبعد صلاتي الظهر والعصر جمعًا، والسنة أن ينزلوا بنمرة فمن كان له قبة ضربها ويغتسلون للوقوف قبل الزوال فإذا زالت الشمس سار بهم الإمام إلى مسجد إبراهيم - عليه السلام - وخطب لهم خطبتين خفيفتين ويخفف الثانية جدًّا فإذا فرغ كل منها صلى بهم الظهر والعصر جامعًا بينهما فإذا فرغ من الصلاة سار إلى الموقف اهـ (فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي ذهب من منى إلى عرفة (و) الحال أنَّه (لا تشك قريش) في مخالفته صلى الله عليه وسلم إياهم في المناسك (إلا أنَّه) صلى الله عليه وسلم (واقف عند المشعر الحرام) أي إلَّا في وقوفه عند المشعر الحرام فإنهم تيقنوا مراقبته إياهم في الوقوف عند المشعر الحرام؛ أي أنهم لا يشكون في أنَّه صلى الله عليه وسلم سيقف عند المشعر الحرام على ما كانت عادتهم من وقوفهم به ويقف سائر الناس بعرفة، قال الأبي: والأظهر أن إلَّا زائدة، وجملة أن في موضع نصب على إسقاط الخافض والمعنى ولا تشك قريش في أنَّه واقف عند المشعر الحرام لكونه منهم، وقال الطيبي: أي ولم يشكوا في أنَّه يخالفهم في المناسك بل تيقنوا بها إلَّا في الوقوف فإنهم جزموا بأنه يوافقهم فيه فإن أهل الحرم كانوا يقفون عند المشعر الحرام هو جبل صغير في وسط مزدلفة يقال له قزح بوزن زفر وعليه جمهور المفسرين

<<  <  ج: ص:  >  >>