لإرادة الشمول ودفع التجوز فتفسيره بالبعض مناف له، قال الزرقاني في شرح المواهب: لكن الاستبعاد لا يمنع الوقوع لأن الحديث يفسر بعضه بعضا لا سيما والمخرج متحد وهو عائشة وهي من الفصحاء وقد نقله ابن المبارك عن العرب ومن حفظ حجة، وقال الطيبي جمعًا بين الحديثين: فيحتمل أنه كان يصوم شعبان كله تارة ويصوم معظمه أخرى لئلا يتوهم أنه واجب كله كرمضان، وقيل المراد بقوله كله أنه كان يصوم من أوله تارة ومن آخره أخرى ومن أثنائه طورًا فلا يخلي شيئًا منه من صيام ولا يخص بعضه بصيام دون بعض، وقيل غير ذلك والأول هو الصواب اهـ فتح الملهم باختصار.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديثها سادسًا فقال:
٢٦٠٥ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا معاذ بن هشام) الدستوائي (حدثني أبي) هشام بن أبي عبد الله البصري (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليامي (حدثنا أبو سلمة) بن عبد الرحمن الزهري المدني (عن عائشة رضي الله عنها) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن أبي كثير لابن أبي لبيد (قالت) عائشة (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صيامًا منه) أي من صيامه (في شعبان وممان يقول خذوا من الأعمال) الصالحة (ما تطيقون) الدوام عليه بلا ضرر مع اجتناب التعمق في جميع أنواع العبادات، وقد تقدم شرح هذه القطعة من الحديث وبيانها واضحًا في باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره من كتاب الصلاة قبيل باب القراءة وأحاديث القرآن فليراجع، قال الحافظ: ومناسبة ذلك للحديث الإشارة إلى أن صيامه صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يتأسى به فيه إلا من أطاق ما كان يطيق، إذ من أجهد نفسه في شيء من العبادة خشي عليه أن يمل فيفضي إلى تركه، والمدوامة على العبادة وإن قلَّت أولى من جهد النفس في كثرتها إذا انقطعت فالقليل الدائم أفضل من الكثير المنقطع غالبًا (فإن الله) سبحانه وتعالى (لن يمل) بفتح الميم أي لا يعرض عنكم ولا يقطع الإقبال عليكم بالرحمة أو لا يترك إثابتكم