الشافع إذا ردت شفاعته لذلك (وغيره) أي والحال أن غير ذلك الرجل المعطي (أحب إليَّ) أي أفضل وأعجب عندي وأولى بالعطاء (منه) أي من ذلك المعطي (خشية) أي مخافة (أن يكبَّ) ويسقط ذلك الرجل المعطي (في النار على وجهه) يوم القيامة إن لم أعطه وقوله: خشية مفعول لأجله أي إنما أعطي بعضا لعلمي أن إيمانه ضعيف حتى لو لم أعطه لأعرض عن الحق وسفط في النار على وجهه وأترك بعضا في القسمة لعلمي أنه قام بالإيمان وأوثق بجميع ما أفعله وفيه بيان أن الإمام يجوز له أن يرجح البعض في قسمة الغنيمة لما يرى فيه من المصلحة اهـ مبارق.
قال الأبي: يعني لذمه وتبخيله النبي صلى الله عليه وسلم إن لم يعطه فيكفر وقيل: غير ذلك.
(وفي حديث) حسن بن علي (الحلواني) وروايته (تكرار القول) أي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أو مسلمًا)(مرتين) فقط لا ثلاثًا وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري وأبو داود والنسائي اهـ تحفة الأشراف.
ومعنى هذا الحديث على ما قاله النواوي أن سعدا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي ناسًا ويترك من هو أفضل منهم في الدين وظن أن العطاء يكون بحسب الفضائل في الدين وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم حال هذا الإنسان المتروك فأعلمه به وحلف أنه يعلمه مؤمنا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أو مسلمًا) فلم يفهم منه النهي عن الشفاعة فيه مرةً أخرى فسكت ثم رآه يعطي من هو دونه بكثير فغلبه ما يعلم من حسن حال ذلك الإنسان فقال: (يا رسول الله ما لك عن فلان) تذكيرا وجوَّز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هم بعطائه من المرة الأولى ثم نسيه فأراد تذكيره وهكذا المرة الثالثة إلى أن أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن العطاء ليس هو على حسب الفضائل في الدين فقال صلى الله عليه وسلم (إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار) معناه إني أعطي ناسا مؤلفة في إيمانهم ضعف لو لم أعطهم كفروا فيكبهم الله تعالى في النار وأترك أقواما هم أحب إليَّ من الذين أعطيتهم ولا أتركهم احتقارًا لهم ولا لنقص دينهم ولا إهمالًا لجانبهم بل أكلهم إلى ما جعل الله في قلوبهم من النور والإيمان التام وأثق بأنهم لا يتزلزل إيمانهم لكماله اهـ.