للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَسَكَتُّ قَلِيلًا. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لكَ عَنْ فُلانٍ؟ فَوَاللهِ، إِني لأرَاهُ مُؤْمِنًا. قَال: "أَوْ مُسْلِمًا" فَسَكَتُّ قَلِيلًا. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لكَ عَنْ فُلانٍ؟ إِني لأرَاهُ مُؤْمِنًا. قَال: "أَوْ مُسْلِمًا" قَال: "إِني لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ. خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النارِ عَلَى وَجْهِهِ"

ــ

دون الإيمان الباطن وكأن سعدًا لكمال اشتغال قلبه بما كان فيه لم يتفطن لهذا التلقين فلذلك تكرر منه في المرة الثانية والثالثة الجزم بالإيمان والله تعالى أعلم أي بل (مسلمًا) أي بل ظنه أنت مسلمًا لا تقطع بإيمان من لم تختبر حاله في الباطن لأن الباطن لا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى فالأولى لك التعبير بالإسلام الظاهر اهـ من المرقاة.

وفي الحديث من الفوائد: التفرقة بين حقيقتي الإيمان والإسلام وترك القطع بالإيمان الكامل لمن لم ينص عليه قال الراغب: والإسلام في الشرع على ضربين أحدهما دون الإيمان وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل وإياه قصد بقوله تعالى: {قَالتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} والثاني فوق الإيمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل واستسلام لله تعالى في جميع ما قضى وقدر كما ذكر من إبراهيم - عليه السلام - في قوله تعالى: {إِذْ قَال لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَال أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ}.

قال سعد: (فسكتُّ) بضم التاء المشددة لأن لام الكلمة أدغم في تاء الفاعل أي سكت عن الكلام زمنًا (قليلًا ثم كلبني) وأحوجني إلى الكلام (ما) كنت (أعلم منه) أي من ذلك الرجل المتروك من حسن إسلامه وكريم أخلاقه (فقلت) ثانيًا: (يا رسول الله ما لك) معرضًا (عن فلان) فلم تعطه (فوالله إني لأراه مؤمنًا قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أو مسلمًا) أي بل قل أراه مسلمًا لأن الإيمان لا يطلع عليه غير الله تعالى (فسكت قليلًا ثم غلبني ما أعلم فقلت) ثالثًا: (يا رسول الله ما لك عن فلان إني لأراه مؤمنًا قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقل أراه مؤمنًا: (أو مسلمًا) أي بل قل أراه مسلمًا ثم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الثالثة: (إني لأعطي الرجل) أراد به الجنس أي رجلًا من الرجال اهـ ملا علي.

وفيه أن من أشير عليه بما يعتقده المشير مصلحة لا ينكر عليه بل يبين له وجه الصواب وفيه الاعتذار إلى الشافع إذا كانت المصلحة في ترك إجابته وأن لا عيب على

<<  <  ج: ص:  >  >>