رواه شريك عن سلمة بن كهيل بهذا الإسناد أن رجلًا مات وترك مدبرًا ودينًا فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فباعه في دينه بثمانمائة درهم أخرجه الدارقطني ونقل عن شيخه أبي بكر النيسابوري أن شريكًا أخطأ فيه والصحيح ما رواه الأعمش وغيره عن سلمة وفيه (ودفع ثمنه إليه) وفي رواية النسائي (ودفع ثمنه إلى مولاه) اهـ فتح الملهم.
(ثم قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي دبر المباع:(ابدأ) أيها الرجل في انفاق هذه الدراهم (بنفسك) أي بإنفاقها على نفسك (فتصدق عليها) أي على نفسك بإطعامها (فإن فضل شيء) يقال فضل فضلًا من باب قتل وفي لغة فضل يفضل من باب تعب وفضل بالكسر يفضل بالضم لغة ليست بالأصل ولكنها على تداخل اللغتين اهـ مصباح وضبطه المناوي في الحديث بفتح الضاد أي فإن بقي شيء من نفسك (فـ) هو (لأهلك) وزوجك (فإن فضل) وبقي (عن أهلك شيء فـ) هو (لذي قرابتك) إما وجوبًا وإما استحبابًا (فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فـ) اصرفه (هكذا وهكذا) قال الراوي (يقول) أي يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله هكذا وهكذا:(فـ) ـا صرفه (بين يديك) أي قدامك (وعن يمينك وعن شمالك).
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فهكذا وهكذا) الظاهر أنه إشارة إلى اليمين واليسار كما في المبارق وزاد الراوي في تفسيره (بين يديك) وهو أعلم والإشارة المذكورة كناية عن تكثير الصدقة وتنويع جهاتها.
وقال الطيبي: الإشارة كناية عن التفريق أشتاتًا على من جاءه عن يمينه وشماله وأمامه.
وقال النواوي: في هذا الحديث فوائد منها الابتداء بالنفقة بالمذكور على هذا الترتيب ومنها أن الحقوق والفضائل إذا تزاحمت قدم الأوكد فالأوكد ومنها أن الأفضل في صدقة التطوع أن ينوعها في جهات الخير ووجوه البر بحسب المصلحة ولا ينحصر في جهة بعينها ومنها دلالة ظاهرة للشافعي وموافقيه في جواز بيع المدبر وقال مالك وأصحابه: لا يجوز بيعه إلا إذا كان على السيد دين فيباع فيه وهذا الحديث صريح أو ظاهر في الرد عليهم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما باعه لينفقه سيده على نفسه والحديث