فعله ذلك فعل المنافق الذي يتهاون بأمرها ويضيعها حتى يخرجها عن وقتها، ولذلك وصفه بقوله (يجلس) ذلك المنافق، والجملة حال من المنافق أو مستأنفة كما في تحفة الأحوذي، وجملة (يرقب الشمس") وينتظرها حال من فاعل يجلس أي حالة كون ذلك المنافق يجلس ويتأخر عن أداء صلاة العصر في وقتها المختار، حالة كونه في جلوسه يراقب غروب الشمس أي ينتظر قرب غروبها، وهذا عبارة عن عدم مبالاته بها وتضييعه لها، ففيه تصريح بذم تأخير صلاة العصر بلا عذر لقوله صلى الله عليه وسلم:"يجلس يرقب الشمس" اهـ نواوي.
وقوله (حتى إذا كانت) غاية ليرقب أي يرقب الشمس حتى إذا قربت إلى الغروب وكانت (بين قرني الشيطان) قيل هو على حقيقته وظاهر لفظه، والمراد أن يحاذيها بقرنيه عند غروبها وكذا عند طلوعها لأن الكفار يسجدون لها حينئذ فيقاربها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له، وقيل هو على المجاز والمراد بقرنيه علوه وارتفاعه وسلطانه وتسلطه وغلبة أعوانه وسجود مطيعه من الكفار للشمس، قال الخطابي: هو تمثيل ومعناه أن تأخيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهم عن تعجيلها كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه، والصحيح الأول اهـ نووي.
أي حتى إذا كانت الشمس بين جانبي رأس الشيطان (قام) إلى الصلاة (فنقرها) أي نقر الصلاة، حالة كونها (أربعًا) أي أربع ركعات من نقر الطائر الحبة نقرًا إذا التقطها، وهذا كناية عن سرعة الحركات كنقر الطائر، قال في النهاية: يريد تخفيف السجود وأنه لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله اهـ وقيل: تخصيص الأربع بالنقر وفي العصر ثمان سجدات اعتبار بالركعات كما مر في الحل، وهذا يدل على وجوب تعديل الأركان والطمأنينة فيها.
والمعنى حتى إذا رأى قد حان غروبها قام يصليها رياء وتلبيسًا حالة كونه (لا يذكر الله) سبحانه وتعالى (فيها) أي في الصلاة بلسانه ولا بقلبه (إلا) ذكرًا (قليلًا) وإنما خص العصر بالذكر لأنها الصلاة الوسطى، وقيل إنما خصها لأنها تأتي في وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم قاله القاري.