للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ. فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ، تِسْعَمِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. قَال: فَذَاكَ يَوْمَ يَجْعَلُ الْولْدَانَ شِيبًا. وَذلِكَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ"

ــ

(ثم يقال) للناس أو للملائكة (أخرجوا) أي ميزوا وافصلوا من أهل الموقف (بعث النار) أي حظها ونصيبها، وقد مر في آخر كتاب الإيمان في حديث أبي سعيد الخدري أن هذا القول يخاطب به آدم - عليه السلام - ولفظه (يقول الله عزَّ وجلَّ: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، قال: يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، قال: فذاك حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) الحديث، قال القرطبي: والجمع بينهما بأن المأمور أولًا آدم وهو يأمر الملائكة بالإخراج ومعنى الإخراج ها هنا بتمييز بعضهم عن بعض وإلحاق كل طائفة بما أُعد لها من الجنة أو النار (فيقال من كم) أي يقول المخاطبون بالإخراج من كم نخرج بعث النار أي بأية نسبة نُخرج أهل النار من بين سائرهم (فيقال) من جهة الرب جل جلاله أخرجوا (من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) بنصب تسعمائة وما عطف عليه على المفعولية بفعل محذوف كما قدرناه في الحل (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فذاك) اليوم الذي يقال فيه ذلك هو (يوم يجعل الولدان) أي يصير الصبيان (شيبًا) جمع أشيب أي أصحاب شيب والشيب الشعر الأبيض والولدان جمع وليد وهو الصغير يقال عليه من حين الولادة إلى أن يرجع جفرًا، و (شيبًا) جمع أشيب أي يجعلهم شيبًا لشدة أهوال ذلك اليوم وقيل هذا على سبيل التهويل والتمثيل كما قال أبو تمام: "خطوب تُشيّب رأس الوليد" (وذلك) اليوم هو (يوم يكشف) فيه (عن ساق) أي يوم يكشف الله فيه عن ساقه ويتجلى لعباده ويكشف الحجاب بينه وبينهم، وساق الله صفة ثابتة له تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وقد بسطنا الكلام على هذه الصفة في تفسيرنا حدائق الروح والريحان بما لا مزيد عليه فراجعه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود في الملاحم باب أمارات الساعة [٤٣١٠]، وابن ماجه في الفتن باب طلوع الشمس من مغربها [٤١٢٠]، وأحمد [٢/ ١٦٦]، والحاكم في المستدرك [٤/ ٥٤٣]، والبغوي في شرح السنة [١٥/ ٩٣].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>