صلى الله عليه وسلم "من خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا" متفق عليه، وقد رواه بعضهم خالفكم والأول أجود لأن خالف يتعدى بإلى وخلف يتعدى بفي ورد خالف إلى خلف يجوز اهـ من المفهم (فيخرجون) من القسطنطينية (وذلك) أي والحال أن خبر خروج الدجال (باطل) أي كذب (فإذا جاؤوا) أي جاء المسلمون من القسطنطينية (الشام) أي إلى الشام أي إلى إيلياء قرية بيت المقدس بدليل ما بعده (خرج) الدجال يحتمل أن يكون مجيئهم إلى الشام وخروج الدجال متصلًا بفتح القسطنطينية ويحتمل أن يكون ذلك بعد الفتح بكثير (فبينما هم) أي المسلمون (يُعدون) أي يستعدون ويتأهبون (للقتال) أي لقتال الدجال وأتباعه من اليهود والنصارى، وقد (يسوون الصفوف) أي لصلاة الصبح (إذ أقيمت الصلاة) أي أقام المؤذن لصلاة الصبح (فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم) من السماء في مطر خفيف ينزل وقتئذ (فأمهم) عيسى - عليه السلام - أي فاقتدى عيسى بإمام المسلمين وهو المهدي، وفي المبارق: أي قصد عيسى المسلمين الاقتداء بهم لأخذ سنة رسولهم منهم لا أنه يؤمهم ويقتدون به كذا قاله الطيبي، وقيل الضمير المنصوب في أمهم يعود إلى الدجال وأتباعه يعني قصدهم عيسى بعد فراغهم من صلاة الصبح بإهلاكهم كذا في المبارق، وقد بسطنا الكلام في هذا المقام في كتاب الإيمان في شرحنا هذا فراجعه (فإذا رآه) أي رأى (عدو الله) وهو الدجال عيسى - عليه السلام - (ذاب) عدو الله واسترخى ولان جسمه (كما يذوب الملح في الماء فلو تركه) عيسى بلا قتل (لانذاب) عدو الله (حتى يهلك) ويموت (ولكن يقتله الله) تعالى أي يقتل الدجال (بيده) أي بيد عيسى - عليه السلام - (فيريهم) أي فيري المسلمين عيسى (دمه) أي دم الدجال (في حربته) أي في رمحه.
قوله (فلو تركه لانذاب) .. الخ يعني أنه كان من الممكن أن يهلك الدجال من غير أن يقتله عيسى - عليه السلام - لكونه ينذاب أمامه كما ينذاب الملح في الماء ولكن أراد الله أن يقتله بيد عيسى - عليه السلام - فيريهم دمه في حربته ليزداد كونه ساحرًا في قلوب المؤمنين.