عَنْ أَبِي مُوسَى. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا أَحَد أَصْبَرُ عَلَى أَذَى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عَز وَجَلَّ. إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ، وَيجْعَلُ لَهُ الْوَلَدُ، ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيرْزُقُهُمْ"
ــ
الكوفي، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، ثقة ثبت، من (٢) روى عنه في (٦) أبواب (عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس الكوفي. وهذا السند من سداسياته (قال) أبو موسى رضي الله عنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحد أصبر) أي أكثر صبرًا لتأخيره عقوبة من استحقها (على أذى) ومخالفة (يسمعه) منه، وقوله:(من الله عز وجل) متعلق بأصبر أي لا أحد أصبر وأحلم من الله عز وجل على أذى ومعاص وقعت من عباده فلا يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا عنها، من الصبر بمعنى الحلم وهو ترك المعاجلة بعقوبة من يستحقها، ومنه الصبور وهو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام منهم مع القدرة فـ (إنه) عز وجل (يشرك به) بالبناء للمجهول أي يجعل له الشريك (ويجعل له الولد) والصاحبة (ثم هو) سبحانه (يعافيهم) أي يعطي لهم العافية من البلايا (ويرزقهم) من خزائن رزقه فلا يمسك عنهم الرزق والعافية في الدنيا بسبب معاصيهم وتكذيبهم رسله.
قوله:(لا أحد أصبر من الله) والصبر في حق العباد حبس النفس على الشدائد والمشقات وفي حقه تعالى صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها ولا نؤولها، أثرها تأخير المؤاخذة عمن استحقها مع القدرة على تعجيل عقوبته ليس كمثله شيء، وقوله أصبر بالرفع على أنه خبر لا على إعمالها عمل إن، ويجوز نصبه على أنه صفة لاسم لا نظرًا إلى محله والخبر محذوف حينئذٍ تقديره لا أحد أصبر من الله موجود ويجوز رفع الأول ونصب الثاني على إعمالها عمل ليس كما هو مقرر في محله بشروط مذكورة هناك وقوله:(على أذى يسمعه) وهو بمعنى المؤذي بصيغة اسم الفاعل وهو المكروه المؤلم ظاهرًا أو باطنًا وهو في حقه تعالى ما يخالف رضاه وأمره فإذاية الله حينئذ صفة ثابتة لله تعالى نثبتها ونعتقدها لا نكيفها ولا نمثلها أثرها عدم رضاه، وقوله:(يسمعه) من عباده صفة أذى بمعنى كلام مؤذٍ كالقول بالتثليث ونسبة الولد والصاحبة إليه. وقوله:(من الله) متعلق بأصبر لأنها من المفاضلة، وفي المبارق والصبر حبس النفس عما تشتهيه وهو في حق الله تعالى حبس العقوبة عمن استحقها إلى وقت ومعناه قريب من معنى الحلم إلا أن الفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم اه منه.