(٣) روى عنه في (٩) أبواب، قال الزهري: هؤلاء الأربعة رووا لي (عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم) رضي الله تعالى عنها (حين قال لها أهل الأفك) بكسر الهمزة وسكون الفاء الكذب الشديد والافتراء المزيد (ما قالوا) مما لا يليق بها (فبرأها الله) سبحانه (مما قالوا) بما أنزله في محكم كتابه، قال الزهري (وكلهم) أي كل من الأربعة المذكورين (حدثني) بالإفراد (طائفة) أي بعضًا (من حديثها) فجميعه من مجموعهم لا أن مجموعه عن كل واحد منهم اه قسطلاني (وبعضهم) أي وبعض هؤلاء الأربعة (كان أوعى) أي أحفظ (لحديثها) أي لحديث عائشة المذكور (من بعض) آخر (وأثبت) أي أحسن (اقتصاصًا) وإيرادًا وأوضح سردًا للحديث ومساقًا، قال الزهري:(وقد وعيت) أي حفظت (عن كل واحد منهم) أي من هؤلاء الأربعة (الحديث الذي حدثني) به (وبعض حديثهم يُصدّق بعضًا) آخر في حديثه، قال في الفتح: كأنه مقلوب والمقام يقتضي أن يقول: وحديث بعضهم يُصدّق بعضًا، ويحتمل أن يكون على ظاهره أي إن بعض حديث كل منهم يدل على صدق الراوي في بقية حديثه لحُسن سياقه وجودة حفظه اه.
وحاصل ما في هذا المقام أن الزهري سمع حديث الإفك عن أربعة من التابعين سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة كل واحد منهم يروي طرفًا من القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها فجمع الزهري رواياتهم وجعلها حديثًا واحدًا، وذكر القاضي عياض اعتراض العلماء على صنيع الزهري هذا حيث لفق بين الروايات وكان عليه أن يفرد حديث كل واحد منهم عن الآخر ولكن ذلك لا يقدح في صحة الحديث.
قال النووي: وهذا الذي ذكره من جمع الحديث عنهم جائز لا مانع ولا كراهة فيه لأنه قد بيّن أن بعض الحديث عن بعضهم وبعضه عن بعض آخر منهم وهؤلاء الأربعة أئمة حُفّاظ ثقات من أجلِّ التابعين فإذا ترددت اللفظة بين كونها عن هذا أو ذاك لم يضره وجاز الاحتجاج بها لأنهما ثقتان، وقد اتفق العلماء على أنه لو قال حدثني زيد أو عمرو