للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ، مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي اللَّهُ بِهِ. وَاللهِ، مَا تَعَمَّدْتُ كَذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى يَوْمِي هَذَا. وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِيَ اللهُ فِيمَا بَقِيَ.

قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ

ــ

أي أنعمه الله تعالى (في صدق الحديث) أي بصدق الحديث، وفي بمعنى الباء أي بإخبار الكلام الصادق والأمر الواقع (منذ ذكرت) وأخبرت (ذلك) الأمر الواقع مني من تخلفي عن الغزو بلا عذر (لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي من مدة ذكري ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى يومي هذا) الذي كنت الآن فيه، وقوله: (أحسن مما أبلاني) وأنعمني (الله به) صفة لمصدر محذوف والمعنى ما علمت أحدًا من المسلمين أبلاه الله بصدق الحديث إبلاء أحسن مما أبلاني به من وقت ذكري ذلك الأمر الواقع مني لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وفيه نفي الأفضلية لا نفي المساواة لأنه شاركه في ذلك مرارة وهلال اه قسطلاني، قال القاضي: يقال أبلاه الله إذا أنعم عليه ومنه {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} أي نعمة، والبلاء يُطلق على الخير والشر وأصله الاختبار وأكثر ما ياتي مطلقًا في الشر فإذا كان في الخير جاء مقيدًا كما قال تعالى: {بَلَاءً حَسَنًا} اه، قال النووي: كما قيده هنا فقال أحسن مما أبلاني به اه (والله ما تعمدت) وقصدت (كذبة) بفتح الكاف وكسرها مع سكون الذال فيهما أي مرة من الكذب (منذ قلت) وأخبرت (ذلك) الأمر الواقع من تخلفي بلا عذر (لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي من وقت إخباري ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى يومي هذا) أي إلى وقتي هذا الذي أنا فيه (وإني لأرجو) وأطمع من فضل الله وكرمه (أن يحفظني الله) تعالى (فيما بقي) من عمري من الكذب (قال) كعب: (فأنزل الله عز وجل) في قبول توبتنا في الكتاب العزيز (لقد تاب الله على النبي) صلى الله عليه وسلم أي تجاوز عنه إذنه للمنافقين في التخلف كما قال تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (و) على (المهاجرين والأنصار) وفيه حث للمؤمنين على التوبة وأنه ما من مؤمن إلَّا وهو محتاج إلى التوبة والاستغفار حتى النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار. وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>