للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ. وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ" أَوْ كَمَا قَال

ــ

توبة إذا شاء الله غفرانها اهـ نووي قال القرطبي "وقول المتألِّي والله لا يغفر الله لفلان" ظاهر في أنه قطع بأن الله تعالى لا يغفر لذلك الرجل وكأنه حكم على الله وحجر عليه وهذه نتيجة الجهل بالأحكام الإلهية والإدلال على الله تعالى بما اعتقد أن له عنده من الكرامة والحظ والمكانة ولذلك المذنب من الخسة والإهانة فإن كان هذا المتألي مستحلًا لهذه الأمور فهو كافر فيكون إحباط عمله لأجل الكفر كما يحبط عمل الكفار وأمّا إن لم يكن مستحلًا لذلك وإنما غلب عليه الخوف فحكم بإنفاذ الوعيد فليس بكافر ولكنَّه مرتكب كبيرة فإنه قانط من رحمة الله فيكون إحباط عمله بمعنى أن ما أوجبت له هذه الكبيرة من الإثم يربي على أجر أعماله الصالحة فكأنه لم يسبق له عملٌ صالح اهـ من المفهم.

وقول الله تعالى: "من ذا الذي يتألّى عليَّ أن لا أغفر لفلان" استفهام على جهة الإنكار والوعيد ويستفاد منه تحريم الإدلال على الله تعالى ووجوب التأدب معه في الأقوال والأحوال وأن حق العبد أن يعامل نفسه بأحكام العبودية ومولاه بما يجب له من الأحكام الإلهية والربوبية وقوله (فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك) دليلٌ على صحة مذهب أهل السنة أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب وهو موجب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)} [النساء: ٤٨]، وأن لله تعالى أن يفعل في عبيده ما يشاء وقد بينا الإحباط المذكور في هذا الحديث اهـ مفهم (أو) الحديث (كما قال) النبي صلى الله عليه وسلم شك من الراوي فيما قاله النبي صلى الله عليه وسلم هل قال هذا اللفظ المذكور أو غيره أو ممن دونه فيما قاله كقوله "قد عفوت لفلان وأفسدت عملك" وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

قال الأبي قوله "قد غفرت لفلان" حجة لأهل السنة في أن الله سبحانه يغفر الكبائر بلا توبة إن شاء ذلك "قوله وأحبطت عملك" قال القاضي احتجت به المعتزلة في أن الذنوب تحبط الأعمال ولا حجة فيه لأن هذا المتألّي إن كان قانطًا من رحمة الله سبحانه ومكذبًا بها فهو كافر والكفر يحبط العمل الصالح وإن لم يكن كذلك وإنما كان مذهبه تنفيذ الوعيد في العصاة فيكون أحبطت عملك مجازًا عن رجحان معصيته بما قاله

<<  <  ج: ص:  >  >>