بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وإقرار الكل عليه دليل على بطلان قول من نسب حسان إلى الجبن ويتأيد هذا بأن حسان لم يزل يهاجي قريشًا وغيرهم من خيار العرب ويهاجونه ولم يعيره أحدٌ منهم بالجبن ولا نسبه إليه والحكايات المنسوبة إليه في ذلك أنكرها كثير من أهل الأخبار وقيل إن حسان أصابه الجبن عندما ضربه صفوان بن المعطّل بالسيف فكأنه اختل في إدراكه والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.
والمعنى لأمزقن أعراضهم تمزيق الجلد المدبوغ اهـ نووي من الفري والفري في الأصل القطع (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لحسان رضي الله عنه (لا تعجل) يا حسان في هجوهم حتى تستخبر أبا بكر عن نسبي فيهم (فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها وانّ لي فيهم) أي في قريش (نسبًا) أي قرابة أي فاذهب إلى أبي بكر (حتى يلخص لك نسبي) فيهم أي حتى يبين لك خلاصة نسبي فيهم وقرابتي منهم (فأتاه) أي فأتى أبا بكر (حسان) بن ثابت فذكر أبو بكر له خلاصة نسبه صلى الله عليه وسلم فيهم (ثم رجع) حسان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فقال) حسان له صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله قد لخص لي نسبك) فيهم أي قد ذكر لي أبو بكر خلاصة نسبك منهم (والذي بعثك بالحق لأسلنَّك) أي لأخرجنَّ نسبك (منهم) أي من نسبهم (كما تسل) وتخرج (الشعرة من العجين) بلا بقاء شيء منها في العجين ويقال إنه لما بلغ أبا سفيان بن الحارث قصيدة حسان المذكورة قال هذا شعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة كذا في ديوان حسان (قالت عائشة) رضي الله عنها بالسند السابق (فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان إن روح القدس) جبريل الأمين (لا يزال يؤيدك) أي يقويك ويساعدك ويلهمك (ما نافحت) ودافعت به (عن الله) سبحانه (و) عن (رسوله) صلى الله عليه وسلم أو مدة منافحتك على أن ما مصدرية ظرفية والمنافحة