للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ

فَقَالت لَهُ عَائِشَةُ: لكِنَّكَ لَسْتَ كَذلِكَ

ــ

قوله (حصان) بفتح الحاء والصاد من الإحصان وهو الامتناع من الرجال من نظرهم إليها والعفة وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي أي عائشة حصان أي محصنة عفيفة محفوظة من الأنظار السيئة وقوله (رزان) خبر ثان أو معطوف على حصان بعاطف مقدر أي وهي رزان بتقديم الراء على الزاي أي كاملة العقل ثقيلة الدين من الرزانة وهو كمال العقل يقال رزن الرجل رزانة فهو رزين إذا كان وقورًا ورزنت المرأة رزانة فهي رزان إذا كانت كاملة العقل وقوله (ما تزن) بالبناء للمجهول خبر ثالث أي ما تتهم (بريبة) أي بفاحشة وسيئة من الزن وهو الرمي والقذف والريبة السيئة والفاحشة (وتصبح) أي وتكون عائشة (غرثى) أي عطشى جائعة (من) أكل (لحوم) المؤمنات (الغوافل) جمع غافلة جمع تكسير أي من أكل لحوم المؤمنات الغافلات عن الفواحش العفيفات من الزنا والمعنى أنها لا تغتاب واحدة من النساء العفائف لأن الله تعالى وصف الغيبة بأكل لحم الأخ الميت وفيه تعريض لحمنة بنت جحش.

وقوله غرثى وصف مؤنث من الغرث وهو الجوع يقال رجل غرثان وامرأة غرثى كعطشان وعطشى ويعني حسان بهذا البيت أن عائشة رضي الله عنها في غاية العفة والنزاهة عن أن تزن وتتهم بريبة وفاحشة ثم وصفها بكمال العقل والوقار والورع المانع له من أن تتكلم بعرض غافلة عفيفة وشبّهها بالغرثى لأن بعض الغوافل قد كان هو آذاها فما تكلمت فيها وهي حمنة بنت جحش فكأنها كانت بحيث تنتصر ممن آذاها بأن تقابلها بما يؤذيها لكن حجزها عن ذلك دينها وعقلها وورعها اهـ من المفهم.

وقوله (فقالت له) أي لحسان (عائشة) رضي الله عنها معطوف على قال الأولى (لكنك) يا حسان (لست كذلك) أي غرثان عن لحوم الغوافل لأنك كنت مع أصحاب الإفك تعني أنه لم يصبح غرثان من لحوم الغوافل وظاهر هذا الحديث أن حسان كان ممن تكلم بالإفك وقد جاء ذلك نصًّا في حديث الإفك الطويل الذي يأتي فيه أن الذين تكلموا بالإفك مسطح وحسان وحمنة وعبد الله بن أبي ابن سلول غير أنه قد حكى أبو عمر أن عائشة رضي الله عنها قد برأت حسان من الفرية وقالت إنه لم يقل شيئًا وقد أنكر حسان أن يكون قد قال من ذلك شيئًا في البيت المذكور فيما بعد هذا البيت المذكور آنفًا من القصيدة حيث قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>