عنه ففيه منقبة عظيمة لعلي رضي الله عنه حيث صرح فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله (فأتي به) أي بعلي، حالة كونه أرمد أي وجع العين (فبصق) أي بزق رسول الله صلى الله عليه وسلم (في عينه) وفي بعض الروايات زيادة (فبرئ) من ساعته (ودفع الراية إليه ففتح الله) خيبر (عليه) أي على يديه، والراية هي العلم التي هي علامة الإمارة اهـ مرقاة، قال القاضي عياض: هذا من أعظم فضائل علي رضي الله عنه وأكرم مناقبه، وفي الحديث من أعلام النبوة علامتان قولية وفعلية؛ فالقولية قول يفتح الله على يديه فكان كذلك، والفعلية بصاقه صلى الله عليه وسلم في عينه وكان أرمد فبرئ من ساعته اهـ.
وفي غير كتاب مسلم (أنه صلى الله عليه وسلم مسح على عيني علي رضي الله عنه ورقاه) وفيه من الفقه جواز المدح بالحق إذا لم تخش على الممدوح فتنة، وقد تقدم القول في محبة الله العبد ومحبة العبد لله، وفيه ما يدل على أن الأولى بدفع الراية إليه من اجتمع له الرئاسة والشجاعة وكمال العقل اهـ من المفهم.
والمقالة الثالثة ما تضمنه قولي (ولما نزلت هذه الآية) يعني قوله تعالى: {فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ}[آل عمران: ٦١](دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا فقال: اللهم هؤلاء أهلي).
[تتمة]: (وقول معاوية لسعد بن أبي وقاص ما منعك أن تسب أبا تراب) يدل على أن معظم بني أمية كانوا يسبون عليًّا وينتقصونه، وذلك لما وقر في أنفسهم من أنه أعان على قتل عثمان، وأنه أسلمه لمن قتله بناء منهم على أنه كان بالمدينة، وأنه كان متمكنًا من نصرته وكل ذلك ظن كذب وتأويل باطل غطى التعصب منه وجه الصواب، وقد قدمنا أن عليًّا رضي الله عنه أقسم بالله أن ما قتله ولا مالأ على قتله ولا رضيه، ولم يقل أحد من النقلة (أهل العلم) قط ولا سمع من أحد أن عليًّا كان من القتلة ولا أنه دخل معهم الدار عليه، وأما ترك نصرته فعثمان رضي الله عنه أسلم نفسه ومنع من نصرته كما ذكرناه في بابه، ومما تشبثوا به أنهم نسبوا عليًّا إلى ترك أخذ القصاص من قتلة عثمان وإلى أنه