للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مبنياً على شيء فإنه لما تقدمت "ليت" جاز ذلك فيه؛ ألا ترى أنه قد جاز وقوعها بعد "لولا" حيث كانت متقدمة عليها، والاسم بعدها مرتفع بالابتداء، ولولا تقدم "لولا" لم يجز أن يبتدأ بعدها، فكما جاز أن يبتدأ "أن" بعد "لولا" حيث تقدمت عليه، وإن لم يجز أن يبتدأ به أولاً، كذلك جاز أن تقع بعد "ليت" وإن لم يجز أن يبتدأ بها أولاً، بل ذلك في "ليت" أولى؛ لأنه عامل فيها ومغير، وليس لـ "لولا" في "أن" عمل.

فأما "كأن أنك منطلقٌ" فلو قال قائل: إنه قبيح لدخول "أنط على "أن"؛ لأن الكاف في "كأن" داخلة على "أن" فإذا استقبح أن يجتمع "أن" مع "أن" ولم يجز "أن أن"، فكذلك هذا لا يحسن، بل يكون أقبح لاتفاقهما واختلاف "أن أن"، لكان قولاً.

ووجه الجواز الذي ذهب أبو الحسن إليه أنها لما ضُمت إلى الكاف صار للتشبيه، وزال ذلك الحكم عنه، فصار لدخول هذا المعنى فيه بمنزلة حرف آخر، فكأن اللفظين، وإن اتفقا، فالمعنيان مختلفان.

وقد أجاز أبو الحسن في قوله تعالى {من بعد ما كاد تزيغ قلوب فريق منهم} ما أجازه سيبويه على التشبيه بـ "كأن"، وأراد أن يكون في "كاد" ضمير ممن تقدم، ويُرفع "قلوب" بـ "تزيغ قال: "وإن شئت رفعتها -يعني القلوب- بكاد، وجعلت تزيغ حالاً".

فأما احتماله الضمير مما جرى، فوجهه أنه لما تقدم قوله {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العُسرة}،

<<  <   >  >>