هو مظنته بيدي، وهو معنى التحسس في الرواية الأخرى وقولها:(بيدي) لأنها كانت في ظلمة وتقدم أن بيوتهم لم تكن فيها مصابيح وقولها: (فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان) لعله كان يصلي في المسجد عند باب حجرتها لأن بابها هو باب المسجد كما سيأتي إن شاء الله.
وقولها: وهما منصوبتان: (جملة حالية).
وقولها:(وهو ساجد) كذلك جملة حالية وكذا جملة يقول وقوله: (أعوذ برضاك من سخطك) هذا مقول القول وأعوذ بمعنى أعتصم وأمتنع وألوذ برضاك من سخطك لأنه لا يجير من الله أحد فالمعنى أنني أطلب رضاك وأفرُّ من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك أي من طلب معافاتك وأهرب من عقوبتك وبك منك أي أتحصن بفضلك من أن تنزل بي ما أكره فهذه الأخيرة كأنها أعم لا أحصي أي لا أستطيع حصر ما تستحقه من الثناء لأن استحقاق الحمد حسب صفات الكمال وصفات الكمال في حق الله لا نهاية لها ولهذا قال بعض العلماء علم الله عجز العباد عن كنه ما له من استحقاق الحمد فأثنى على نفسه بقوله الحمد لله وعلم العباد بذلك كيف يثنون عليه ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
• الأحكام والفوائد
فيه: دليل على المسألة السابقة، وهي: كون مس المرأة لا ينقض الوضوء على كل حال بل بقيد الشهوة، وفيه: فضل هذا الدعاء بالليل وفي السجود، وفيه: أن القدمين تنصبان في السجود وسيأتي، وفيه: حجة للقائلين بأن اللمس بدون شهوة لا ينقض ولو كان بدون حائل لأن علماء الشافعية -رحمهم الله- يتأولون الروايات السابقة بأنها كان اللمس فيها بحائل ولكن هذه الرواية يبعد فيها ذلك التأويل فإن الغالب على القدمين في الصلاة في حال السجود أن تكونا مكشوفتين لاسيما أن غالب لباسهم الأزار وهو لا يغطي الرجلين، وفيه: استحباب الإِكثار من العبادة وخاصة التهجد بالليل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلمه الله بما أعلمه به من الخير والكرامة ومع ذلك كان يجتهد غاية الاجتهاد في العبادة ويقول:(أفلا أكون عبدًا شكورًا).