تواثقنا) أي تعاهدنا عهدًا موثقًا أي مؤكدًا (على الإِسلام) يريد مبايعتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإِسلام والجهاد، وقوله:(ما أحب أن لي بها) أي بدلها، وقوله:(مشهد) أي شهود بدر، المعنى أنه لا يجب أن يكون حضر وقعة بدر بدلًا من أن يكون شهد بيعة العقبة، فهو يفضل شهود البيعة على شهود بدر وقوله:(اذكر في الناس) أي أكثر ذكرًا عند الناس وفضل أهلها مشهور بينهم كما في رواية لمسلم وإن كانت بدر أكثر ذكرًا في الناس، ولفظ اذكر جاء وزن افعل التفضيل فيقدر بعده منها، وقوله:(كان من خبري) من قصة حالي التي كنت عليها وقت الغزوة، وقوله:(لم أكن أقوى) أي على السفر ولا أيسر أي في المال والمعنى أنه قادر على السفر لقوته وتوفر ما يستعد به للسفر وأقوى وأيسر كل منهما أفعل تفضيل تجرد من الإضافة والألف واللام. فيلزم بعده تقدير من كما في رواية مسلم أقوى ولا أيسر مني فهي مقدرة في قوله:(أذكر وأقوى وأيسر بعد الثلاثة) كما هو الواجب في مثلها، قال ابن مالك -رحمه الله-:
وأفعل التفضيل صلة أبدا ... تقديرًا أو لفظا بمن إن جردا
وقوله:(تلك الغزاة) يعني غزوة تبوك، وقوله:(والله ما اجتمعت عندي راحلتان) تثنية راحلة وهي البعير كما تقدم، وقوله:(قبل ذلك الوقت) الذي تخلفت وهو الحين في قوله (حين تخلفت)، وقوله:(قط) في الموضعين ظرف زمان لاستغراق ما مضى من زمن حياته، وهي في هذه الحالة تختص بالنفي في الغالب، والأفصح فيها، وقد تستعمل في الإثبات كما جاء في الحديث، ونحن أكثر ما كنا قط قال ابن مالك: وهو مما خفي على كثير من النحويين يعني استعمالها غير مسبوقة بنفي. اهـ. وهي في هذه الحالة أي استعمالها لاستغراق ما مضى من الزمن يكون مفتوحة القاف والطاء مضمومة مشددة من قططته قطعته لأن المعنى ما مضى وانقطع من الزمن، ولحنوا من لا أفعله قط كما يجري على ألسنة العوام لأن الزمن مستقبل، وقد تأتي بمعنى حسب، وهي ساكنة الطاء، وتكون اسم فعل بمعنى يكفي، وتلحقها نون الوقاية فيقال قطني كما يقال يكفيني، وقوله:(حتى جمعتهما) حتى بمعنى إلى أي إلى أن جمعهما في وقت تلك الغزوة، وقوله:(ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد غزوة إلا ورى بغيرها)