للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَدْ تَوَجَّهَ الخِطَابُ بِهَا عَلَينَا لِقَوْلهِ عَزَّ وجلَّ: (١) {ثُمَّ أَوْحَينَا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} وَقَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ ... " وَذَكَرَ الحَجَّ، وَلَا خِلافِ في ذلِكَ، هَذَا نَصُّ أَبِي الحَسَنِ في "التَّبْصِرَةِ". وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ العُلَمَاءِ تَرْكَ الحَجِّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيه كَتَرْكِ الصَّلاةِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيهِا قَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ كَفَرَ" كَذلِكَ قَال [عَزَّ وجَلَّ] في تَارِكِ الحَجِّ (٢): {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالمِينَ} وهَذِهِ زِيَادَةُ تَهْدِيدٍ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ تَخْصِيصٍ، وَقَدْ أَخَذَ ابنُ عَبَّاسٍ بِعُمُوْمِ الآيَةِ الوَارِدَةِ في المُنَافِقِينَ في الاتِّفَاقِ الوَاجِبِ خَاصَّةً دُوْنَ النَّفْلِ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيرُهُ عن ابنِ عَبَّاسٍ قَال: "مَنْ كَانَ له مَالٌ يُبَلِغُهُ حَجَّ بَيتِ رَبِّه أَوْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَمْ يَفْعَلْ شَيئًا سَأَلَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ المَوْتِ"، فَقَال رَجُل: يا بْنَ عَبَّاسٍ. اتَّقَ الله إِنَّمَا سألَتِ الرَّجْعَةَ الكُفَّارُ؟ ! قَال سأَتْلُوا عَلَيكَ قُزآنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (٣) " والَّذِي ذَهَبَ إِلَيهِ ابنُ عَبَّاسٍ صحِيحٌ؛ لأنَّ الوَعِيدَ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بالوَاجِبِ دُوْنَ النَّفْلِ.

فَإِنْ طُلِبَ منَ الحَاجِّ في الطَّرِيقِ أَوْ في دُخُوْلِ مَكَّةَ مَالًا فَقَال بَعْضُ


(١) سورة النَّحل، الآية: ١٢٣.
(٢) سورة آل عِمْرَان، الآية: ٩٧.
(٣) سورة المنافقون.