إن استهداف هذه الأشياء حال بيننا وبين التوسع في كثير من الأمور، وصرفنا عن أمور كثيرة. وليكن ذلك بمثابة اعتذار لمن لم ير في هذا الكتاب ما تخيله أو تصوره مما كان ينبغي أن يكون فيه، وحسبنا أن يكون قارئ هذا التفسير قد خرج بانطباع جديد، وفهم جديد ليكون ذلك نقطة انطلاق نحو جهاد متواصل، من أجل أن يكون هذا القرآن مهيمنا على الأرض كلها، وليكون ذلك نقطة انطلاق لسير منضبط وصحيح إلى الله، ولقد حاولت- ما استطعت- أن أجنب هذا التفسير أي فهم خاطئ أو منحرف أو متكلف لكتاب الله وإذا فاتني شئ فإني أستغفر الله.
وقد ألزمت نفسي في آيات الصفات أن أبقى ضمن الحدود التي ذكرها ابن كثير؛ لإيماني بأن هذا الموضوع لا يستطيع أحد أن يعرف أبعاد ما يقال فيه إلا إذا كان من الراسخين في العلم، فالكلام بتوسع فيه في مثل هذا التفسير قد يساء فهمه عند أنواع من القراء فاقتصرت فيه على ما قاله ابن كثير، وكلامه يسع الجميع ويكفي الجميع.
ومن خلال استقرائي لأصناف كثير من الراغبين في دراسة القرآن وجدت أن هناك ناسا تهمهم الفائدة الشاردة، والنكتة اللطيفة، وآخرون تهمهم دقائق السياق، والربط بين الآيات والسور، وآخرون لا يهمهم إلا أن يعرفوا المعنى الحرفي ضمن أدنى حد ممكن، ولذلك فصلت الكلام بين المعنى الحرفي والسياق والفوائد فالراغب في الجميع لم يفته شئ، والراغب في شئ بعينه يجده منفصلا عن غيره.
وقد اعتمدت أربعة تفاسير كأساس: تفسير ابن كثير، وتفسير النسفي، وتفسير الألوسي، وتفسير الظلال، واعتقدت أن فوائد هذه التفاسير هي أقصى ما يحتاجه القارئ العادي، فابن كثير يفسر القرآن بالقرآن وبالمأثور في الغالب، والنسفي يعطي للمعنى الحرفي أهمية، وقد كاد هذان التفسيران أن يستوعبا فوائد التفاسير التي سبقتهما، وتفسير الألوسي وسيد قطب تفسيران متأخران، الأول منها استوعب التفسير التقليدي، والثاني منها فسر القرآن بلغة العصر، وقد رأيت أنه باعتمادي هذه التفاسير الأربعة أكون قد استوعبت- إلى حد ما- الفائدة من كتب التفاسير على مر العصور.