قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه البزار في "مسنده" [٣/ رقم ٣٠٣٠]، وقرن: (نعيم بن المورع) مع (أشعث بن سعيد) في سنده، ثم قال: "لا نعلم أحدًا رواه وأسنده إلا أشعث، وهو أبو الربيع السمان، ونعيم، لا نعلم رواه غيرهما إلا ألين منهما، وهما لينا الحديث". كذا قال، وقد يفهم من كلامه: أنه قد ينفى متابعة الراوى الضعيف عنده لحديث ينفرد به؛ مع وجود من شاركه في تلك الراوية عن شيخه لكون ذلك المشارك أشد ضعفًا، فلا تعارض تلك المتابعة التالفة نفيه لها البتة، ويكون مراده آنذاك من عبارته الماضية: "لا نعلم رواه غيرهما ... " يعنى: من هو فوقهما في الضعف، فلا يرد عليه: كونهما قد توبعا عليه من قبل جماعة آخرين هم ما بين كذاب وهالك وساقط؛ لاحتمال أن يكون هؤلاء قد سرقوا الحديث ممن جزم البزار بتفردهما به. وهذا الفهم كله إن صح - قاعدة حسنة: يُفْزَع إليها عند كثير من عبارات البزار المشكلة، فكثيرًا ما يجزم بكون الحديث لم يروه إلا فلان، أو تفرد به فلان، ويكون ثم عدة متابعات لهذا الفلان، لكنها من أقوام أشد ضعفًا من ذلك المتفرد به عند البزار، فلا يحسن آنذاك الاعتراض عليه بمثل تلك المتابعات؛ لأنه ربما يكون البزار قد وقف على جل تلك المتابعات فعلم أنها مسروقة ممن جزم بتفرده، فأعرض عنها؛ وصح له جزمه بتفرد الراوى الأصلى بالحديث، عمن رواه عنه؛ دون من سرقه منه، وادعى مشاركته له في السماع من شيخه فيه. وعبارة البزار الماضية عقب هذا الحديث: لا تصلح مثالًا جيدًا لِمَا نحوم حوله لكون (نعيم بن المورع) الذي جزم البزار بكونه تفرد بالحديث مع أبى الربيع السمان، قد نص ابن عدى في "الكامل" - كما يأتى - على كونه واحدًا ممن سرق هذا الحديث من أبى الربيع. =