ثم وجه نكارة هذا الحديث من ذاك الطريق: هو أن عبد العزيز الدراوردى وإن كان صدوقًا متماسكًا على ما قيل في حفظه - فإن روايته عن عبيد الله بن عمر خاصة تكلم فيها جماعة من النقاد الجهابذة، فقال النسائي: "حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر" بل قال الإمام أحمد: "ما حدَّث عن عبيد الله بن عمر فهو عن عبد الله بن عمر" وقال أيضًا: "ربما قلب حديثا عبد الله بن عمر يرويه عن عبيد الله بن عمر" كذا في "تهذيب المزى" [١٨/ ١٩٣، ١٩٤]. وعبد الله بن عمر هو العمرى - أخو عبيد الله بن عمر - العابد الضعيف المشهور، وقال الإمام أحمد أيضًا فيما نقله عنه ابن رجب في "شرح العلل" [ص ٣٥٥/ طبعة السامرائى]،: (أحاديثه عن عبيد الله بن عمر تشبه أحاديث عبد الله بن عمر". قلتُ: فيظهر لى: أنه حمل عنهما جميعًا ثم اختلطت عليه أحاديث هذا بذاك؛ وكان سماعه من عبد الله بن عمر أكثر من سماعه من أخيه عبيد الله، وكان الدراوردى يخطئ كثيرًا إذا حدِّث من حفظه، وكتابه صحيح. فنخلص من هذا: إلى أن روايته عن عبيد الله بن عمر مردودة إلا عند المتابعة؛ وقد جزم غير واحد بكونه قد تفرد برواية هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر، فقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله إلا عبد العزيز" وقال الدارقطنى فيما نقله عنه الضياء في "المختارة": "تفرد به عبد العزيز". ولعله لذلك: قد استغرب الترمذى هذا الحديث، ومئله ابن خزيمة أيضًا، فإنه قال في "صحيحه": "نا محمد بن يحيى بخبرٍ غريب" ثم ساقه من طريق الدراوردى، لكن أبى المحدث أبو إسحاق الحوينى - سدَّده الله - إلا أن يكسر حاجز هذا التفرد، فقال في "تنبيه الهاجد" [رقم ١٨١]، يرد على الدارقطنى دعواه التفرد: "قلتُ: رضى الله عنك، فلم يتفرد به عبد العزيز الدراوردى؛ فتابعه سليمان بن بلال، عن عبيد الله بن عمر بسنده سواء ... =