للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصيغة في أصل وضعها عند الإِطلاق (١)، بل يعتمد المقاصد الاستعمالية التي تقضي العوائد بالقصد إليها، وهو لا ينكر أن يكون للصيغة وضع أصلي، بل ذلك مسلم عنده، ولكنه يعتمد على قاعدة معلومة عند أهل العربية وهي: "أن الأصل الاستعمالي إذا عارض الأصل القياسي كان الحكم للاستعمالي" (٢).

فما تدل عليه الصيغة في أصل وضعها عند الإِطلاق قياسي، وما تدل عليه بحسب المقاصد الاستعمالية التي يقصد إليها المتكلم في العادة استعمالي، والاستعمالي مقدم على القياسي، ولذلك اعتبرت العرب مقتضيات الأحوال التي هي ملاك البيان يدل على ذلك:

إن العربي قد يستعمل لفظ عموم يشمل في أصل الوضع نفسه وغيره، ومقتضى الحال أنه لا يريد نفسه ولا أنه داخل في العموم وهذا هو الوضع الاستعمالي (٣). قال ابن خروف (٤):

لو أن رجلًا حلف ليضربن جميع من في الدار وهو معهم فيها فضربهم ولم يضرب نفسه لكان صادقًا.


(١) قسم دلالة الصيغ على العموم إلى قسمين:
الأول: باعتبار ما تدل عليه الصيغة في أصل وضعها على الإِطلاق، وهذه الصيغ تارة تطلقها العرب وتقصد بها تعميم ما تدل عليه في أصل الوضع، فإذا أرادت ذلك فلا إشكال.
والثاني: إطلاق تلك الصيغ بحسب المقاصد الاستعمالية التي يدل عليها معنى الكلام خاصة، وهذا هو الذي تقدمه العرب على الوضع الإفرادي.
والأول معتبر ما لم يعارضه الثاني، وكلابها إنما يعرف بما يدل عليه مقتضى الحال.
المصدر السابق ٣/ ١٧١.
(٢) المصدر السابق ٣/ ١٧١.
(٣) المصدر السابق ٣/ ١٧١.
(٤) هو علي بن محمد بن علي بن محمد الأندلسي النحوي أقام بحلب ومات سنة ٦٠٩ هـ تقريبًا وفيات الأعيان ١/ ٤٣٣.

<<  <   >  >>