للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: علي عبدالرزاق في كتابه الإِسلام وأصول الحكم (١)، يقول: "والحق أن الدين الإِسلامي بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون، وبريء من كل ما هيأوا حولها من رغبة ورهبة، ومن عز وقوة، والخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية، كلا ولا القضاء ولا غيرها من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنما تلك كلها خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة.

كما أن تدبير الجيوش الإِسلامية وعمارة المدن والثغور ونظام الدواوين لا شأن للدين بها، وإنما يرجع الأمر فيها إلى العقل والتجريب، أو إلى قواعد الحروب، أو هندسة المباني وآراء العارفين.

لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى في علوم الاجتماع والسياسة كلها وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكومتهم على أحدث ما أنتجته العقول البشرية، وأمتن ما دلت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم" (٢).

وهذا المذهب الذي يدعوا إليه المؤلف مؤد قطعاً إلى تغيير الأحكام الإِسلامية أصولاً وفروعاً، فهو من جهة يزعم أن الإِسلام لم يأت بنظام للحكم لأن الخلافة لا وجود لها في الإِسلام لأنه دين لا دولة، ومن جهة أخرى فإن


(١) يروي فضيلة الشيخ محمد بخيت مفتي الديار المصرية أن هذا الكتاب قد وضعه أحد الأوروبيين الطاعنين على الإِسلام وليس للمؤلف إلا وضع اسمه عليه يقول الشيخ: " ... لأنه علمنا من كثيرين ممن يترددون على المؤلف أن الكتاب ليس له فيه إلّا وضع اسمه عليه فقط، فهو منسوب إليه فقط، ليجعله واضعوه من غير المسلمين ضحية هذا العار، وألبسوه ثوب الخزي والعار إلى يوم القيامة" وقد أكد الدكتور الريس هذا الخبر بعدة أدلة قوية فانظرها من ص ١٧٤ - ١٨٤، الإِسلام والخلافة في العصر الحديث نقد كتاب الإِسلام وأصول الحكم الطبعة الأولى ١٣٩٣ هـ - الناشر العصر الحديث ببيروت.
(٢) الإِسلام وأصول الحكم ٢٠١ نقد وتعليق الدكتور ممدوح حقي، منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت ١٩٧٨ م.

<<  <   >  >>