للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليل ثم قال: ألا أخبركم (١) برأس الأمر وعموده، وذروة سنامه؟ رأسُ الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد [في سبيل اللَّه] " (٢)، ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله"؟ قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال: "كُفَّ عليك هذا" وأشار إلى لسانه، قلت: يا رسول اللَّه، وإنَّا لمؤأخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمّك يا معاذ وهل يكبُّ الناسَ في النار على وجوههم إِلا حصائد ألسنتهم" (٣)، حديث صحيح.

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- أعرابي فقال: دلَّني على عمل إذا عملته دخلت الجنة؟ قال: "تعبد اللَّه ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان" فقال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فلما ولَّى قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سَرَّه أَن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا" (٤)، متفق عليه.

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل آخر فقال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني (٥) من


(١) في المطبوع: "أخبرك" والمثبت من (ك).
(٢) ما بين المعقوفتين من المطبوع.
(٣) الحديث رواه بطوله الترمذي (٢٦٢١) في (الإيمان): باب ما جاء في حرمة الصلاة، والنسائي في "السنن الكبرى" كتاب التفسير: (٦/ ٤٢٨ رقم ١١٣٩٤)، وابن ماجة (٣٩٧٣) في (الفتن): باب كف اللسان في الفتنة، وعبد الرزاق (٢٠٣٠٣)، ومن طريقه عبد بن حميد (١١٢) وأحمد (٥/ ٢٣١)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٢٦٦) من طريق معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جيل به، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
والحديث له عن معاذ طرق قد بينها وفصلها الدارقطني في "علله" (٦/ ٧٣ - ٧٩)، ثم قال -رحمه اللَّه- وخالفه حماد بن سلمة (أي خالف معمرًا) فرواه عن شهر عن معاذ، وقول حماد بن سلمة أشبه بالصواب لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عنه فيه، وأحسنها إسنادًا حديث عبد الحميد بن بهرام، ومن تابعه عن شهر عن ابن غنم عن معاذ.
أقول: فرجع الحديث إلى شهر بن حوشب، وشهر ضعيف، وقد تكلم الشيخ الألباني في "الإرواء" (٢/ ١٣٨ - ١٤١) على الحديث بإسهاب وبين أنه لا يصح منه إِلا قوله: "وذروة سنامه الجهاد" لأن له شواهد فلينظر. وانظر: "السلسلة الصحيحة" (رقم ١١٢٢) و"زهد هناد" (رقم ١٠٩٠، ١٠٩١، ١٠٩٢)، و"زهد ابن أبي عاصم" (رقم ٧) والتعليق عليها.
(٤) رواه البخاري (١٣٩٧) في (الزكاة): باب وجوب الزكاة، ومسلم (١٤) في (الإيمان): باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة، من حديث أبي هريرة.
(٥) في المطبوع: "ويبعدني".

<<  <  ج: ص:  >  >>