للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واستدل بالحديث على أن الجماعة ليست بواجبة، وفيه نظر لأن بعض من أوجب الجماعة كابن حِبَّان (١) جعل حضور الطعام عُذْرًا، في تَرْك الجماعة، فلا دليل فيه حينئذ على إسقاط الوجوب.

وظاهر قوله "فابدؤوا" في حق من لم يكن قد أكل شيئًا وأما من قد شرع في الأكل فلا يتمادى فيه. وقد استدل به بعض الشافعية على ذلك، وقد أخرج البخاري (٢) عن ابن عمر "أنه كان إذا حضر عشاؤه وسمع الإِقامة وقراءة الإِمام لم يقم حتى يفرغ"، ورواه ابن حبان (٣) عن نافع أن ابن عمر كان يصلي المغرب إذا غابت الشمس وكان أحيانا يلقاه وهو صائم فيقدّم له عشاءه وقد نودي للصلاة ثم تقام وهو يسمع، فلا يترك عشاءه، ولا يعجل حتى يقضي عشاءَه ثم يخرج فيصلِّي، وروى سعيد بن منصور (٤) وابن أبي شيبة بإسناد حسن عن أبي هريرة وابن عباس: أنهما كانا يأكلان طعاما، وفي التنور شواء، فأراد المؤذن أن يقيم الصلاة فقال له ابن عباس: "لا تعجل لا نقوم، وفي أنفسنا منه شيءٌ". وفي رواية ابن أبي شيبة (٥): "لئلا يعرض لنا في صلاتنا"، وله (٦) عن الحسن


= الجمهور لكن يستحب إعادتها ولا يجب، فاستحباب الإعادة ليس للجمهور. وحكاه ابن قدامة عن مالك. شرح مسلم ٢/ ١٩٤، المغني ١/ ٦٣٠.
وقال في المجموع: والمشهور من مذهبنا ومذهب العلماء صحة صلاته مع الكراهة ٤/ ٣٤، قلتُ: فلا معنى لاستحباب الإعادة مع الإِجزاء. وقرأتُ بعد ذلك تعليقًا لسماحة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز: الأولى عدم استحباب الإعادة؛ لأن من صلى كما أمر فليس عليه إعادة فقد قال الله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} والله أعلم الفتح ٢/ ١٦١.
(١) ابن حبان- الإحسان - ٣/ ٢٥٤.
(٢) البخاري ٢/ ١٥٩ ح ٦٧٣.
(٣) ابن حبان- الإحسان - ٣/ ٢٥٤ ح ٢٠٦٤، ولفظه: كان ابن عمر إذا غربت الشمس وتبين له الليل فكان أحيانا يقدم عشاءه وهو صائم والمؤذن يؤذن ثم يقيم وهو يسمع فلا يترك عشاءه ولا يعجل حتى يقضي عشاءه ثم يخرج فيصلي ويقول: قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَعْجَلُوا عن عشائكم إذا قدّم إليكم".
(٤) الفتح ٢/ ١٦١.
(٥) ابن أبي شيبة ٢/ ٤٢١.
(٦) ابن أبي شيبة ٢/ ٤٢١.