للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفريضة إذا كان في الملأ، ويتركها في الخلاء خوف الذم، ويقرب من ذلك الذي يفعل النوافل في الملأ لئلا ينتقص بعدم فعلها، ويتركها في الخلوة كسلًا وعدم احتفال بما يقربه من الثواب، ويقرب من ذلك من يحسن فعل العبادة بالخضوع والخشوع واستكمال هيئاتها ومسنوناتها في الملأ، ويقتصر في الخلوة على فعل الواجب من ذلك؛ لئلا يُذم على ذلك، وقد يزين الشيطان لفاعل هذا بأنه إنما فعله لئلا يقع الغير في عرضه، وفاته النظر الشديد بأنه كان الباعث له على الفعل هو النظر إلى الخلق رجاء الثناء عليه، ولا بد من تفصيل فيما يصحبه الرياء من الأعمال في صحته وعدم صحته، وحاصل ذلك أنه إذا كان الباعث على أداء العبادة هو ملاحظة غير المعبود لغرض دنيوي فالعبادة غير صحيحة، ويجب على المرائي إعادتها، فإذا كان الباعث مثلًا على فعل الصلاة أو غيرها هو محبة الثناء أو غيره فالصلاة باطلة؛ لأنه لم ينو العبادة للمعبود، وهذا هو الشرك الأصغر، وإنما لم يكن شركًا أكبر؛ لأنه لم يقصد بالعبادة تعظيم المراءَى، وإنما قصد أن يثني عليه مثلًا، وأما السجود لغير الله فقد قصد به تعظيم المسجود له، وهذا هو السر في تسميته الشرك الأصغر، وكان شبيهًا بالشرك الأكبر؛ لأن المرائي لما عظم قدر المخلوق عنده حتى حمله على الركوع والسجود لله، فكان ذلك المخلوق هو المعظم بالسجود من وجه، وهذا هو الشرك الخفي لا الجلي، وإن كان الباعث على الطاعة هو الامتثال لأمر الله وقصد محبة الثناء مثلًا واجتمع الباعثان عند نية العبادة ولم يستقل أحدهما بالانبعاث على الفعل، فكذلك لا تصح العبادة، وقد أخرج الخطيب" (١) أن الله عزَّ وجلَّ يقول: أنا خير شريك، فمن أشرك


(١) الدارقطني ١/ ٥١، والبيهقي في الشعب ٥/ ٣٣٦ عقب ح ٦٨٣٦ من حديث الضحاك بن قيس مرفوعًا.