للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك يجلب الغفلة والتثاقل عن العبادة، والميل إلى الدنيا والرغبة في لذاتها. قال الحليمي (١) في قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} الآية (٢): إن الوعيد وإن كان للكفار الذين يسارعون في الطيبات المحرمة؛ ولذا قال تعالى: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}. فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة؛ لأن من تعودها مالت نفسه إلى الدنيا، فلم يأمن أن يرتكب الشهوات والملاذ، كلما أجاب نفسه إلى واحدة منها دعته إلى غيرها، فيعسر عليه عصيان نفسه في هؤى قط، وينسد باب العبادة دونه فلا ينبغي أن يعود النفس بما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها، ولتُرَضْ من أول الأمر على السداد، فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الصلاح، والله أعلم. انتهى. وقد فهم عمر (٣) رضي الله عنه أن الآية عامة، ولذلك اجتهد في جهاد نفسه. نسأل الله تعالى السلامة والتوفيق لما يرضاه منا.

وقد أخرج الشيخان (٤) وغيرهما حديث: "المسلم يأكل في معًى واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء". وأخرج مسلم (٥) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أضاف ضيفًا كافرًا، فأمر - صلى الله عليه وسلم - له بشاة فحلبت فشرب حلابها، ثم أخرى حتى شرب حلاب سبع شياه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن يشرب في معًى واحد، وإن الكافر يشرب في سبعة أمعاء" الحديث. وقد تأوله العلماء بتأويلات، ومن


(١) الشعب ٥/ ٣٥.
(٢) الآية ٢٠ من سورة الأحقاف.
(٣) الشعب ٥/ ٣٤.
(٤) البخاري ٩/ ٥٣٦ ح ٥٣٩٦، ومسلم ٣/ ١٦٣١ ح ٢٠٦١/ ١٨٤.
(٥) مسلم ٣/ ١٦٣٢ ح ٢٠٦٣/ ١٨٦.