للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: وخذْ من صحتك لمرضك. يعني أن العمر لا يخلو من صحة ومرض، فإذا كنت صحيحًا فسر سير القصد، وزد عليه بقدر قوتك ما دامت فيك قوة، بحيث يكون ما فعلت من الزيادة قائمًا مقام ما لعله يفوت حالة المرض والضعف، أو أن المعنى أن تعمل ما تلقى نفعه بعد الموت، وبادر أيام صحتك بالعمل الصالح، فإن المرض قد يطرأ فيمنع من العمل، فيخشى على من فرط في ذلك أن يصل إلى المعاد بغير زاد، ولا يعارض هذا الحديث الذي أخرجه البخاري (١): "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا". لأنه ورد في حق من قد ثبت منه العمل. وهذا الحديث في تحذير من لم يكن قد عمل عملًا معتادًا مداومًا عليه، فإنه إذا مرض ندم على ترك العمل فلا ينفعه الندم.

وقوله: وخُذْ من صحتك لمرضك. أي من زمن صحتك لمرضك، وجاء في رواية ليث: لسقمك (٢).

وقوله: ومن حياتك لموتك. في رواية ليث (٢): قبل موتك. وزاد: فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدًا. يعني هل يقال لك شقي أو سعيد: أو المراد: هل حيٌّ أو ميت.

وفي الحديث دلالة على أنه ينبغي للعالم تأنيس المتعلم والواعظ المتعظ بمس شيء من جسده، وتوجيه الخطاب إلى واحد وإن كان يراد الجمع،


(١) البخاري ٦/ ١٣٦ ح ٢٩٩٦.
(٢) تقدم تخريجه ص ٢٣٩.