حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى، عرف أن ذلك كناية عن عظم إحسانه لعبده. قال: وكذا القطع كناية عن حرمان الإحسان. قال القرطبي (١): وسواء قلنا: إن القول المنسوب إلى الرحم على سبيل المجاز أو الحقيقة أو أنه على جهة التقدير والتمثيل كأن يكون المعنى لو كانت الرحم ممن يعقل ويتكلم لقالت كذا، كما في قوله تعالى:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا} الآية. وفي آخرها:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(٢). فمقصود هذا الكلام الإخبار بتأكيد صلة الرحم وأنه تعالى أنزلها منزلة من استجار به فأجاره فأدخله في حمايته، وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول.
١٢٢١ - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال". متفق عليه (٣).
قوله:"عقوق الأمهات". وهو جمع "أمهة"، وأمهة لغة في الأم قيل: هما أصلان، أو أن الهاء زائدة والأصل (أ)"أم" عند غير المبرد؛ لأن المبرد لا يعد الهاء من حروف الزيادة، ولا تطلق "أمهة" إلا على من يعقل