عرض الإسلام عليهن، مع أن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع، وهم حديثو عهد بالإسلام، يبعد عن جميع الغانمين معرفة اشتراط إسلامهن؛ والسبايا عدة ألوف أصابهن السبي على كره بعد قتال الرجال وتشريدهم والإخراج من ديارهم، بيعد منهن المسارعة إلى الإسلام غاية البعد، وكذلك ما رواه الترمذي (١) عن عرباض بن سارية أن [النبي](أ) - صلى الله عليه وسلم - حرم وطء السبايا حتى يضعن ما في بطونهن. فجعل للتحريم غاية واحدة، وهي وضع الحمل، ولو كان متوقفًا على الإسلام لبينه. وما أخرجه أبو داود في "السنن" وأحمد في "المسند"(٢) مرفوعًا: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها". ولم يذكر الإسلام، وما أخرجه أحمد (٣): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ينكحن شيئًا من السبايا حتى تحيض حيضة". ولم يذكر الإسلام، ولم يعرف ذكر اشتراط الإسلام في المسبية في موضع واحد البتة. وقد ذهب إلى هذا طاوس وغيره، واسترجحه صاحب "المغني"(٤) من الحنابلة ورجح أدلته، وذهب الشافعي وغيره من الأئمة إلى أنه لا يجوز وطء المسبية بالملك حتى تسلم إذا لم تكن كتابية، وسبايا أوطاس هن وثنيات، فلا بد من التأويل بأن حلهن بعد الإسلام. ويرد عليه ما عرفت، والله سبحانه وتعالى أعلم.