والرضعة فعلة من الرضاع، فهي مرة منه؛ كضربة وجلسة وأكلة، فمتى التقم الثدي فامتص منه ثم تركه باختياره من غير عارض كان ذلك رضعة، والقطع العارض لتنفس أو استراحة يسيرة أو لشيء يلهيه ثم يعود عن قرب لا يخرجه عن كونه رضعة واحدة، كما أن الآكل إذا قطع أكلته بذلك ثم عاد عن قريب كان ذلك أكلة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وللشافعية فيما إذا قطعته المرضعة ثم عاد إليه الصبي وجهان، هل ذلك رضعتان -لأن الرضاع يكون من الراضع والمرضع- أو رضعة واحدة؟ لأن الاعتبار بفعل الرضيع، كما أنَّه لو رضع وهي نائمة صح ذلك. [وكذلك إذا انتقل من ثديها الأول إلى ثديها الآخر أنها رضعة واحدة أو أنها](أ) رضعتان، لأنه ارتضع وقطعه باختياره؟ ومذهب الإمام أحمد بن حنبل فيه تفصيل.
قال صاحب "المغني"(١): إذا قطع قطعًا بينًا باختياره كان ذلك رضعة، فإن عاد كانت رضعة أخرى، وإن قطع لضيق نفس أو للانتقال من ثدي إلى ثدي أو لشيء يلهيه، أو قطعت عليه المرضعة، نُظِر؛ فإن لم يعد قريبًا فهي رضعات، وإن عاد في الحال ففيه وجهان؛ أحدهما أن الأولى رضعة، فإذا عاد فهي رضعة أخرى. والثاني أن جميع ذلك رضعة كما هو مذهب الشافعي، والله أعلم.