للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

"انظر إليها فإنه أحرى أن يؤْدم بينكما". أخرجه النسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن حبان (١).

والحديث فيه دلالة على ندبية تقديم النظر إلى التي يراد نكاحها، وهو مذهب الجماهير من العلماء وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وسائر أهل الكوفة. وحكى القاضي عياض (٢) كراهته، وهو خطأ مخالف لصريح الحديث، ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة، والنظر يباح إلى الوجه والكفين، لأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده، وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها، وهذا مذهب الأكثر. وقال الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم. وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها. والحديث لا يدل على خلافه، بل قد يدل عليه إذا لم يحصل له المقصود بنظر البعض وكان الداعي إلى زواجها نظر جميع الجسد، ويدل على ذلك ما رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي عمر (٣) أن عمر كشف عن ساق أم كلثوم بنت علي لما بعث بها إليه علي لينظرها. ولا يشترط رضا المرأة بذلك النظر، بل له أن يفعل ذلك في غفلتها، ومن غير تقدم إعلام. لكن قال مالك (٤): أكره نظره في غفلتها؛ مخافة من وقوع نظره على عورة. وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر إليها إلا بإذنها. وهو ضعيف لأن الحديث يدل على أنه مأذون له مطلقًا. ولأنها تستحي في


(١) ابن ماجه ١/ ٥٩٩ ح ١٨٦٥، والدارمي ٣/ ١٣٨٩ ح ٢٢١٨، وابن حبان ٩/ ٣٥١ ح ٤٠٤٣، ورواية النسائي والترمذي تقدم تخريجهما في حديث الباب.
(٢) شرح مسلم ٩/ ٢١٠.
(٣) عبد الرزاق ٦/ ١٦٣ ح ١٠٣٥٢، وسعيد بن منصور ١/ ١٤٧ ح ٥٢١، وابن أبي عمر -كما في التلخيص ٣/ ١٤٧.
(٤) شرح مسلم ٩/ ٢١٠.