واحتج القرطبي في "المفهم"(١) على أن الكفر ملل بقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}(٢). فهي ملل متعددة وشرائع مختلفُة. قال: وأما ما احتجوا به من قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(٣). فوحَّدَ الملة، فلا حجة فيه لأن الموحدة في اللفظ وفي المعنى يراد به الكثرة، لأنه أضافه إلى مفيد الكثرة كقول القائل: خذ عن علماء الدين علمهم. يريد علم كل واحد منهم.
قال: واحتجوا بقوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّها الْكَفِرُونَ} إلى آخرها.
والجواب: أن الخطاب بذلك وقع لكفار قريش وهم أهل دين واحد. وأما ما أجابوا به عن حديث:"لا يتوارث أهل ملتين". بأن المراد ملة الكفر وملة الإسلام، فالجواب عنه بأنه إذا صح في حديث أسامة فمردود [في حديث](أ) غيره.
واستدل بقوله:"لا يرث الكافر المسلم". على جواز تخصيص عموم الكتاب بالآحاد، لأن قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}(٤). عام في الأولاد، فخُص منه الولد الكافر فلا يرث من المسلم بالحديث المذكور. وأجيب بأن المنع حصل بالإجماع، وخبر الواحد إذا حصل الإجماع على