للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رواية الحسن عن سمرة مرفوعًا: "إذا أتى أحدكم على ماشية، فإن لم يكن صاحبها فيها فليصوِّت ثلاثًا، فإن أجاب فليستأذنه، فإن أذن له، وإلا فليحلب وليشرب ولا يحمل". إسناده صحيح إلى الحسن، ومن صحيح سماعه من سمرة صححه، ومن لا أعلّه بالانقطاع. وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح، لكن له شواهد، من أقواها حديث أبي سعيد مرفوعًا: "إذا أتيت على راعٍ فناده ثلاثًا، فإن أجابك، وإلا فاشرب من غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط بستان" وذكر مثله. أخرجه ابن ماجة والطحاوي، وصححه ابن حبان والحاكم (١). وأجيب عنه بأن حديث النهي أصح، فهو أولى بأن يعمل به، وبأنه معارض للقواعد القطعية في تحريم مال المسلم بغير إذنه، فلا يلتفت إليه. ومنهم من جمع بين الحديثين بوجوه، منها حمل الإذن على ما إذا علم طيب نفس صاحبه، والنهي على ما إذا لم يعلم، ومنها تخصيص الإذن بابن السبيل دون غيره، أو بالمضطر، أو بحالة المجاعة مطلقًا، وهي متقاربة. وحكى ابن بطال (٢) عن بعض شيوخه أن حديث الإذن كان في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، وحديث النهي أشار به إلى ما يكون بعده من التشاح وترك المواساة. ومنهم من حمل حديث النهي على ما إذا كان المالك أحوج من المار، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر إذ رأينا إبلًا مصرورة (٣) فثبنا إلها، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قُوتُهم، أيسركم لو رجعتم إلى


(١) ابن ماجة ٢/ ٧٧١ ح ٢٣٠٠، والطحاوي في شرح المعاني ٤/ ٢٤٠، وابن حبان ١٢/ ٨٧ ح ٥٢٨١، والحاكم ٤/ ١٣٢.
(٢) شرح ابن بطال على صحيح البخاري ٦/ ٥٥٩.
(٣) قال ابن الأثير: من عادة العرب أن تصر ضروع الحلوبات إذا أرسلوها إلى المرعى سارحة، ويسمون ذلك الرباط صرارا ... فهي مصرورة ومصرَّرة. النهاية ٣/ ٢٢.