للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يجهل هذا الحكم؛ فإنَّه وقع ذلك من أبي هريرة أيَّام إمارته للمدينة في زمن مروان كان يستخلفه فيها، فالمخاطب بذلك ممن يجوز عليه جهل ذلك، لأنَّه لو كان المخاطب من أعيان الصّحابة لما واجههم بمثل هذا الخطاب، وقد جزم بهذا إمام الحرمين تبعًا لغيره مع أن مثل هذا الحكم قضى به عمر في أيَّام وفور الصّحابة، وتقوَّى الشافعي به في القول القديم وقال: إن عمر لم يخالفه أحد من الصّحابة. وذلك ما أخرجه مالك (١)، ورواه بسند صحيح أن الضَّحَّاك بن خليفة سأل محمد بن مسلمة أن يسوق خليجًا له فيمر به في أرض محمد بن مسلمة فامتنع، فكلمه عمر في ذلك فأبى، فقال: والله ليمرن به ولو على بطنك. فحمل عمر الأمر على ظاهره وعداه إلى كل ما يحتاج الجار إلى الانتفاع به من دار جاره وأرضه. وروى ابن ماجه (٢) والبيهقيّ (٣) من طريق عكرمة بن سلمة أن أخوين من بني المغيرة أعتق أحدهما إن غرز أحد في جداره خشبة، فأقبل مجمِّع بن حارثة ورجال كثير من الأنصار فقالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الحديث، فقال الآخر: يا أخي، قد علمت أنك مقضي لك عليّ، وقد حلفت فاجعل أسطوانًا دون داري فاجعل عليه خشبك. وروى إسحاق في "مسنده" والبيهقيّ (٤) من طريقه عن يَحْيَى بن جعدة أحد التّابعين قال: أراد رجل أن يضع خشبة على جدار صاحبه بغير إذنه فمنعه، فإذا من شئت من الأنصار يحدث أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - نهاه أن يمنعه فأجبر على ذلك.


(١) الموطأ ٢/ ٧٤٦ ح ٣٣.
(٢) ابن ماجه ٢/ ٧٨٣ ح ٢٣٣٦.
(٣) البيهقي ٦/ ٦٩.
(٤) إسحاق بن راهويه -كما في الفتح ٥/ ١١١ - والبيهقيّ ٦/ ٦٩، ووقع في الفتح: ابن إسحاق.