المحرم توقعًا منهم أن يشاركوا غيرهم في الموقف لكونهم أهل الحرم، ولذلك قال الله سبحانه:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}(١) فظنت قريش أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نزل بنمرة أن يقف كما يقفون، ونمرة -بفتح النون وكسر الميم ويجوز إسكان الميم- موضع بجنب عرفات وليس من عرفات، وفي ضرب القبة دلالة على جواز الاستظلال للمحرم بقبة وغيرها، ولا خلاف في جوازه للنازل وكذا للراكب عند الأكثر، وكرهه مالك وأحمد.
وقوله:"فرحلت": بتخفيف الحاء المهملة أي جعل عليها الرحل.
وقوله "حتى أتى بطن الوادي": هو وادي عرَنَة بضم العين المهملة وفتح الراء وبعدها نون وليست عرنة من عرفات عند كافة العلماء إلا مالكًا فقال هي من عرفات.
قوله:"فخطب الناس" فيه دلالة على استحباب الخطبة للإمام بالحج يوم عرفة في هذا الموضع وهي سنة باتفاق جماهير العلماء، وخالف فيها المالكية ومذهب الشافعي أن في الحج أربع خطب مسنونة أحدها يوم السابع من ذي الحجة يخطب عند الكعبة بعد صلاة الظهر، والثانية ببطن عرفة يوم عرفات، والثالثة يوم النحر، والرابعة يوم النفر الأول، الثاني من التشويق، قال أصحاب الشافعي وكل هذه الخطب أفراد بعد صلاة الظهر إلا التي يوم عرفات فإنها خطبتان، وقبل الصلاة وبعد الزوال ويعلمهم في كل خطبة ما يحتاجون إليه في المناسك إلى الخطبة الأخرى، والله أعلم.
وقوله:"ثم أذن ثم أقام ... " إلخ فيه دلالة على أنه يشرع الجمع بين الظهر والعصر هناك في ذلك اليوم، وقد أجمعت الأمة عليه، واختلفوا في سببه، فقيل سبب النسك وهو مذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب