للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

به، وقد وقع الاحتجاج في كثير من المسائل بما هو دونه في القوة (١)، ويعتضد بأنه قد أفتى به جماعة من الصحابة من غير نكير عليهم كما قاله ابن المنذر وابن حزم وغيرهما عن عليّ بن أبي طالب يزيد بن ثابت وأبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهم، ثم هو موافق لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (٢) فالنسيان ليس من كَسْب القلب، وموافق للقياس في إبطال عمد الأكل للصلاة لا نسيانه، وكذلك الصيام، وأما القياس الذي ذكره ابن العربي فهو في مقابلة النص فلا يُسْمع، ورده للحديث مع صحته بكونه خبر واحد خالف القياس ليس بمسَلَّم، لأنَّه قاعدة مستقلة في الصيام، فمن عارضه بالقياس على الصَّلاة أدخل قاعدة في قاعدة، ولو فتح هذا ورد به الأخبار الصحيحة لما بقي من الحديث إلَّا القليل، وفي هذه التوسعة لطف من الله -تعالى- بعباده وتيسير عليهم ورفع المشقة والحرج، وقد روى أحمد (٣) لهذا الحديث سببًا آخر فأخرج من طريق أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم إسحاق إنها كانت عند النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأتى بقصعة من ثريد، فأكلت معه ثم تذكرت أنها صائمة فقال لها ذو اليدين: الآن بعد ما شبعت! فقال لها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك" وفي هذا رد على من فَرَّق بين قليل الأكل وكثيره.

ومن المستظرف ما رواه عبد الرَّزاق: "أن إنسانًا جاء إلى أبي هريرة فقال: أصبحت صائمًا فطعمت، فقال: لا بأس، قال: ثم دخلت على إنسان فنسيت فطعمت وشربتُ، قال: لا بأس أطعمك الله وسقاك، قال: ثم


(١) انظر: الفتح ٤: ١٥٧.
(٢) البقرة الآية ٢٢٥.
(٣) أحمد ٦: ٣٦٧.