للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك الأيام تقليدًا لليهود (١)، واستنادًا على الحجة نفسها يرى أن الدية ما هي إلا عادة عربية قديمة ولا تناسب العصر (٢).

والنفي الوارد في عقوبات الحرابة لا يمكن الآن تنفيذه وإلا فما الفائدة أن نخرج المجرم من بلده إلى بلد آخر يعيث فيه فسادًا (٣)، وقطع الأيدي والأرجل كانت عقوبة مقبولة في العهود الأولى إذ لم تكن هناك سجون أما الآن فينبغي الكف عن تطبيق هذه العقوبات الوحشية التي تنافي التمدن والحضارة (٤).

خلفاء سيد خان:

كانت تلك هي بعض النماذج من فكر سيد خان وآرائه ومنها تتضح لنا صورة عن نهجه وطريقته للملاءمة بين الإسلام والعصر الحديث. وقد أصبح منهجه ذاك مدرسة فكرية تأثر بها تلاميذه وخلفاؤه إلى اليوم، ومن أشهر هؤلاء التلاميذ شراغ علي، وأمير علي وخدابخش الشاعر، وغلام أحمد برويز، وخليفة عبد الحكيم، ومولانا محمد علي أحد قادة حركة الأحمدية (٥).

ومن أظهر مؤلفات شراغ علي (الإصلاحات السياسية والقانونية والاجتماعية المقترحة للامبراطورية العثمانية والدول الإسلامية الأخرى) وفي هذا الكتاب تظهر الدعوة إلى التوفيق بين الإسلام والعصر بالطريقة المفضلة لهذه المدرسة، إذ نقرأ في مقدمة الكتاب "لقد حاولت أن أوضح في هذا الكتاب أن الإسلام الذي علمه محمد -نبي العرب- فيه من المرونة (Elasticity) ما يمكنه من تكييف نفسه مع التغييرات السياسية والاجتماعية التي تحدث حوله". ويمضي للقول: "إن القرآن -أي: تعاليم محمد- ليس حاجزًا عن التقدم الروحي، ولا مانعًا من حرية الفكر بين المسلمين ولا سدًا أمام التجدد (Innovation) في أي ميدان من ميادين الحياة سياسية أو اجتماعية أو فكرية أو خلقية". ثم ماذا بعد تأكيد هذه النغمة المكررة؟ إن الوسيلة التي يقترحها لهذا التزاوج بين الإسلام


(١) Dar, P.٢٤٧.
(٢) المصدر نفسه P.٢٧٥.
(٣) المصدر نفسه P.٢٦٢.
(٤) المصدر نفسه P.٢٦٣.
(٥) Maryam Jameelah: "Islam and Modernism".