للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنده هي حدث موافق لهذه القوانين، ولكنه يثير الدهشة والإعجاب عند الناس لأنه يظهر وكأنه يخالف المجرى العادي للأمور. وفي ضوء هذه النظرة للمعجزة يقدم تأويلات لمعجزات الأنبياء لتتماشى مع قوانين الطبيعة. فقصة صاحب الحمار الذي مر على القرية الخاوية على عروشها وتعجب كيف يحييها الله، ليست أحداثًا واقعية بل هي رؤيا في المنام. وقصة إبراهيم -عليه السلام- مع الطيور الأربعة هي أيضًا رؤيا منامية، وعن قصة انفلاق البحر لموسى -عليه السلام- يقول سيد خان: إن الضرب في قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣)} [الشعراء: ٦٣]، معناه المشي والذهاب كما تقول ضرب في الأرض، فالله يأمر موسى بالسير في البحر الذي كان في ذلك الوقت مخاضة ضحلة. والحوت الذي التقم يونس -عليه السلام- لم يبتلعه، ثم لفظه من جوفه، إنما التقمه بمعنى أمسكه بفمه (١).

وميلاد عيسي عند سيد خان لم يكن معجزة، بل كان ميلادًا طبيعيًا من زواج "قارن هنا موقف العصرانية المسيحية من هذه القضية" (٢) والملك الذي بشر مريم بمولده فقالت {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [مريم: ٢٠]، أتاها في رؤيا في النوم قبل الزواج. ووصف مريم بأنها {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} لا يعني أنها عذراء بل هو وصف لها بالطهارة من دنس الرذيلة، ووصف عيسى بأنه كلمة من الله أو روح منه لا يشير إلى أن ميلاده كان شيئًا خارقًا غير عادي، بل قد وصفت أشياء أخرى بهذه الكلمات في أكثر من موضع. وعيسى توفي وفاة عادية ومات كما يموت سائر البشر ويستدل على ذلك بقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: ٥٥]، وقول عيسى كما حكاه القرآن {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ١١٧]، أما رفعه إليه فلا يعني رفعه إلى السماء بل هو رفع منزلته (٣).

وقصة خلق آدم يفسرها سيد خان في ضوء نظرية دارون، فالماء والطين تفاعلا كيميائيًا، فكانت النتيجة خلية حية من الممكن أن تكون هي الأصل لكل


(١) Baljon, P ٨٦,٨٧ &Dar, P. ١٨٠ - ١٨٦.
(٢) انظر: ص ١٢٩.
(٣) Dar, P.١٨٦ - ١٩٠.